ويلجأون إليه في كل مأزق، وأمرهم في ذلك مشتهر، وقد تكرر قول عمر بن الخطاب:
لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله: لولا علي لهلك عمر (1). ولم يكن فضله على عمر بأكثر منه على الآخرين، وليس عمر بأول من أقر له بفضله، فقد أقر له الجميع في غير موضع ومناسبة (2)، وأجمل كل ذلك قول ابن عباس: " والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر " (3).
ذلك واحد الناس، فلم تعرف الناس أحدا غيره قال: " سلوني، فوالله لا تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم " (4).
وهكذا كان شأن الأئمة من ولده (عليهم السلام) أعلم أهل زمانهم وأرجحهم كفة بلا خلاف، فقد علموا بدقائق ما كان عند الناس، وزادوا عليهم بخصائص علمهم الموروث من جدهم المصطفى وأبيهم المرتضى. وقد شاع قول أبي حنيفة في الإمام الصادق (عليه السلام): لم أر أفقه من جعفر بن محمد الصادق، وإنه لأعلم الناس باختلاف الناس (5).
ولم يكن الإمام الصادق بأعلم من أبيه (عليهما السلام) بل علمه علم أبيه، وعلم الأئمة من بنيه علمه.
قال أبو حنيفة: دخلت المدينة، فرأيت أبا عبد الله الصادق فسلمت عليه، وخرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليز وهو صغير السن، فقلت له: أين يحدث الغريب إذا كان عندكم وأراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: يتجنب شطوط الأنهار، مساقط الثمار، وأفنية الدور والطرق النافذة، والمساجد، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويرفع ويضع بعد ذلك حيث شاء.
قال: فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني، وعظم في قلبي، فقلت له: جعلت