عليه فقتلوه (رحمه الله) فرجع دحية إلى هرقل وأخبره الخبر، فقال: قد قلت إنا نخافهم على أنفسنا (1).
7 - النسب الرفيع: لم يجعل الله النبوة إلا في رجل ذي شرف ومنعة في قومه هي في الذروة، ليكون ذلك داعية لتقبل الناس لشخصه ودعوته وزعامته، وقد جاء في قصة هرقل بعد أن بلغه كتاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه بعث إلى جماعة من أهل مكة كانوا في تجارة لهم في الشام، وفيهم أبو سفيان، فأجلسه وأجلسهم من خلفه وقال لهم، إني سائله فإن كذب فكذبوه. قال أبو سفيان: لولا أن يؤثر عني الكذب لكذبت، فسأله عن النبي، قال: فصغرت له شأنه، فلم يلتفت إلى قولي، وقال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو أوسطنا نسبا. قال هرقل: وكذلك الأنبياء (2).
وهكذا نجد معنى قوله (تعالى): * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * (3) مجسدا في خصال نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) وسائر الأنبياء (عليهم السلام).
وهكذا أحيطت النبوة بهذه الدلائل وغيرها، حتى صارت عقيدة ثابتة راسخة في قلب كل من آمن بالتوحيد، لا يشك فيها ولا يرتاب.
وأما الإمامة، فقد بقيت عرضة للآراء والأقاويل والتكذيب والتشكيك، فلأجل هذا كانت الكتابة في دلائل الإمامة في غاية الأهمية، إن لم نقل إنها تتقدم في أهميتها على أي بحث آخر، إذ إن من الواجب أن يدرك المسلمون حقيقة الإمامة وأبعادها، ولو أنهم أدركوا ذلك لأيقنوا أنها من صلب العقيدة، وأنها ضرورة تماما كالنبوة.
قال (تعالى): * (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) * (4) قال المفسرون: المراد ولنجعلن من أمتك أئمة يهدون بأمرنا (5).