والخزي لهم وأبعد وأسحق من ظلم آل محمد (عليهم السلام)، وقطع ما أمر الله به أو يوصل فيهم ويدان بهم من مودتهم، والاقتداء بهم دون غيرهم حيث يقول:
(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ((1))، ويقول: (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) ((2)).
وليس بين الأمة التي تستحي ولا تباهت، وتزيغ عن الكذب ولا تعاند، خلاف في أن وصي رسول الله أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يرشد الصحابة في كل معضل ومشكل ولا يرشدونه إلى الحق، ويهديهم ولا يهدي سواه، ويفتقر إليه، ويستغني هو عن كافتهم، ويعلم العلم كله، ولا يعلمونه.
وقد فعل بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وعليها ما دعاها إلى الوصية بأن تدفن ليلا ولا يصلي عليها أحد من أمة أبيها إلا من سمته.
فلو لم يكن في الإسلام مصيبة ولا على أهله عار ولا شنار ((3)) ولا حجة فيه لمخالف لدين الإسلام إلا لحق فاطمة (عليها السلام) حتى مضت غضبى على أمة أبيها، ودعاها ما فعل بها إلى الوصية بأن لا يصلي عليها أحد منهم فضلا عما سوى ذلك لكان عظيما فظيعا منبها لأهل الغفلة، إلا من قد طبع الله على قلبه وأعماه لا ينكر ذلك ولا يستعظمه ولا يراه شيئا، بل يزكي المضطهد لها إلى هذه الحالة، ويفضله عليها وعلى بعلها وولدها، ويعظم شأنه عليهم، ويرى أن الذي فعل بها هو الحق ويعده من محاسنه، وأن الفاعل له بفعله إياه من أفضل الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد قال الله عز وجل: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي