اتخذوا هذا القرآن مهجورا) ((1)) أي اتخذوا هذا القرآن الذي أمرتهم بالتمسك به وبأهل بيتي، وألا يتفرقوا عنهما مهجورا.
أليس هذا الخطاب كله والذم بأسره للقوم الذين نزل القرآن على لسان الرسول إليهم، وإلى الخلق ممن سواهم، وهم الظالمون من هذه الأمة لعترة نبيهم محمد (صلى الله عليه وآله) النابذون لكتاب الله، الذين يشهد عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة بأنهم نبذوا قوله في التمسك بالقرآن والعترة وهجروهما واتبعوا أهواءهم وآثروا عاجل الأمر والنهي وزهرة الحياة الدنيا على دينهم شكا في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به، وحسدا لأهل بيت نبيه (عليهم السلام) لما فضلهم الله به، أوليس قد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما لا ينكره أصحاب الحديث مما هو موافق لما أنزله الله من هذه الآيات قوله: إن قوما من أصحابي يختلجون دوني يوم القيامة من ذات اليمين إلى ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي - وفي بعض الحديث: أصحابي أصحابي -، فيقال:
يا محمد، إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بعدا بعدا، سحقا سحقا.
ويصدق ذلك ويشهد به قول الله عز وجل: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) ((2))، وفي هذا القول ((3)) من الله تبارك اسمه أدل دليل على أن قوما ينقلبون بعد مضي النبي (صلى الله عليه وآله) على أعقابهم، وهم المخالفون أمر الله وأمر رسوله عليه وآله السلام، المفتونون الذين قال فيهم: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) ((4)) يضاعف الله العذاب