عليهم، وجملة المنسوبين إلى الفتيا من العوام ولولا ذلك لهلك كل من لم يجاهد في سبيل الله وكذلك من له عذر لم يطق الجهاد معه فلا شئ عليه في التخلف عنه إذا صدقت نيته. ومن ذلك ما روي:
[443] عن رسول الله صل الله عليه وآله، أنه قال لأصحابه - وقد انصرف من غزاة -: إن بالمدينة قوما " ما قطعتم واديا "، ولا شهدتم مشهدا " إلا وهم معكم فيه.
قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: قوم قعد بهم العذر، وصدقت نياتهم.
وقد بين الله عز وجل هذا في كتابه فقال جل من قائل: " ليس على الضعفاء ولا على المرض ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم. ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون " (1). فقد يكون لمن تخلف عن علي صلوات الله عليه من الصحابة الذين اقتدى بهم غيرهم بتخلفهم عنه، وجعلوا ذلك حجة لما ذهبوا إليه عذر في التخلف لا يعلم الناس به. أو أنهم رأوا ان عليا " عليه السلام مكتف بمن خرج، وقام معه من المسلمين، فوسعهم التخلف عنه، وإن كان الخروج معه أفضل من القعود عنه. ومن ذلك ما تقدم ذكره من ندامة عبد الله بن عمر على تركه جهاد الفئة الباغية مع علي عليه السلام، وعلى تخلفه عنه، وذلك من الأخبار المأثورة المشهورة عنه.