اركب راحلتك وسر، فإذا دخلت حمص، فلا تعرج على شئ، ولا تغير ثيابك، واقصد المسجد الجامع، فأنخ راحلتك واعقلها ببابه، وادخل المسجد على هيئتك. فإن الناس سيسألونك من أين قدمت؟
فقل؟ من الكوفة. فهم يسألونك عن أمري، فقل: تركته معتزما " على غزوكم قد فرغ من عامة ما يحتاج إليه لذلك، وما أظنه إلا وقد خرج على أثرى. وانظر ما يكون منهم، وارجع إلي بالخبر.
ففعل الرجل ذلك.
فلما سمع أهل المسجد قوله خاضوا في ذلك وخاض الناس، واتصل الخبر معاوية، فأتى المسجد، فرقى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال:
أيها الناس إنه قد انتهى إلي ما قد فشى فيكم، وانتهى إليكم من قدوم علي في أهل العراق إليكم لغزوكم، فما أنتم قائلون في ذلك، وصانعون؟
فسكتوا حتى كأن الطير على رؤوسهم.
ثم قا [م] (1) رجل من سادات حمير، فقال: أيها الأمير عليك المقال وعلينا انفعال.
(انفعال لغة حميرية يدخلون النون مكان اللام).
فقال: أرى أن تبرزوا في غد على بركة الله.
ثم نزل، فأصلحوا مبرزين.
وانصرف الرجل إلى علي صلوات الله عليه وأخبره الخبر.
فأمر بالنداء في الناس بأن الصلاة جامعة، وخرج إلى المسجد