اتق الله في عشيرتك وانظر في نفسك، ما تؤمل من رجل سألته أن يزيد في عطاء ابنيه الحسن والحسين دريهمات لما رأيته حالتهما (1)، فأبى علي، وغضب من سؤالي إياه ذلك.
فكان ذلك مما تهيأ به لمعاوية ما أراده، وهو في ذلك مذموم غير مشكور، بل مأثوم مأزور، ومما امتحن الله به عليا " عليه السلام، وهو فيه محمود مشكور، مثاب مأجور، وفيما منع منه معذور، على أن أكثر من نزع عن علي عليه السلام، ولحق بمعاوية لم يكونوا جهلوا فضل علي عليه السلام، ولا غبي عنهم نقص معاوية، ولكنهم إنما قصدوه للدنيا التي أرادوها وقصدوها.
وقد باين معاوية كثير منهم كالذي يحكى عن عمرو بن العاص، أنه لما قدم عليه جعل يذكر له فضل القيام بدم عثمان، وما في ذلك من الثواب والأجر (2)، وما في اتباعه في ذلك إذا قام به (3).
فقال له عمرو: دعني من هذا يا معاوية إنما جئتك لطلب الدنيا، ولو أردت الآخرة للحقت بعلي. فأقطعه مصر.
وكان ابنه قد كره له المسير (4) إلى معاوية، فلما سمع منه ما سمع قال:
يا أبة وما عسى أن يكون من مصر في أن تؤثر بها الباطل على الحق؟
فقال عمرو: وان لم يشبعك مصر فلا أشبع الله بطنك (5).
وكالذي يحكى من قول معاوية للنجاشي، وقد أقطعه وأرضاه: أينا (6)