يزيدهما دراهم في عطائهما، فانتهره من ذلك، ولم يجبه إليه، فجعل يبث ذلك عنه، ويشنعه عليه، ليؤنس أبناء الطمع منه (1).
فلم يبق مع علي صلوات الله عليه إلا أهل البصائر في الدين الذين يجاهدون معه بأموالهم أنفسهم، كما افترض الله عز وجل كذلك الجهاد على كافة المؤمنين.
ولحق بمعاوية أبناء الدنيا، وأهل الطمع، وكل سخيف الدين عار من الورع، وكل من استثقل العدل عليه، وإقامة الحق فيه، وعلم أن له عند معاوية ما يحبه من ذلك ويرضيه.
فلم يخلص مع علي صلوات الله عليه إلا أهل البصائر والورع من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، وأشراف العرب - من ربيعة ومضر - ممن سمت همته إليه، وأنف من الكون مع معاوية والانحياش إليه. حتى كان أكثر عسكره الرؤساء والأشراف والوجوه. حتى كان لكل رئيس منهم لواء، ولكل سيد معسكر، وقل ما تستقيم الأمور على هذه الحال، وقد قيل إن الشركة في الرياسة شركة في الملك، والشركة في الملك كالشركة في الزوجة.
وكان أصحاب معاوية الرؤساء منهم يطيعونه ويتبعونه لما يرجون من دنياه، وسائرهم رعاع، واتباع، وبالطاعة تستقيم الأمور.
[تقييم المواقف] [444] ومن ذلك ما قد روي عن علي صلوات الله عليه، أنه امتحن أصحاب معاوية وأصحابه، قبل أن يخرج إلى معاوية، فأرسل رجلا " من الكوفة إلى حمص (2) وبها معاوية، وقال للرجل: