الدين المطل، هيهات لا يمنع الضيم الذليل، ولا يدرك الحق إلا بالصدق والجد، أي جار بعد جاركم تمنعون؟ وعن أي دار بعد داركم تدفعون؟ ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟ الذليل والله من نصرتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، أصبحت لا أطمع في نصرتكم، ولا أرغب في دعوتكم، فرق الله بيني وبينكم، وأبدل لي بكم من هو خير لي منكم، وأبدل لكم بي من هو شتر مني لكم.
فلما كان بالعشي راح الناس إليه يعتذرون، فقال لهم:
أما أنكم ستلقون بعدي ذلا " شاملا "، وسيفا " قاتلا "، وإثرة قبيحة، يتخذها الظالمون عليكم حجة تبكي عيونكم، ويدخل الفقر عليكم في بيوتكم، ولا يبعد الله إلا من ظلم.
فكان كعب بن مالك بن جندب الأزدي إذا ذكر هذا الحديث، يبكي، ثم يقول: صدق والله أمير المؤمنين، لقد رأينا بعده ذلا " شاملا "، وسيفا " قائلا "، وإثرة قبيحة.
[442] ومن ذلك ما رواه محمد بن الجنيد، عن أبي صادق، قال: بعث معاوية خيلا " فأغارت على الأنبار (1)، فقتلوا عامل علي عليه السلام عليها، وأصابوا من أهلها، وانصرفوا. فبلغ ذلك عليا " عليه السلام.
فخرج من فوره مع من خف معه حتى أتى النخيلة (2)، فأدركه الناس، وقالوا: ارجع يا أمير المؤمنين فنحن نكفيكهم.
فقال: والله لا تكفوني ولا تكفون أنفسكم.
ثم صعد المنبر: فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى اله عليه وآله