حق الاعتقاد ومن تسمى به من المنافقين والذين في قلوبهم مرض، فسالم أبا بكر وعمر وعثمان أيام حياتهم مخافة ذلك ولما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أحدث عثمان ما أحدثه، مما أنكره عليه جماعة من المسلمين الذين بتقديمهم إياه استحق فيما زعم! وزعم من أوجب ذلك له ما صار إليه، وخيروه بين أن يتوب عما أحدثه ويرجع عنه أو أن يعتزل، فامتنع من كلا الأمرين، وإذا كان من الواجب أن يقوم بإقامتهم إياه، فالواجب أن يعتزل بعزلهم له، وتمالوا بأجمعهم في ذلك عليهم، فلم يكن منهم إلا قائم في ذلك عليه، حتى قتلوه، أو خاذل له فيما أتوه إليه، معرض عنهم فيه.
وكان علي صلوات الله عليه فيمن أعرض عن ذلك لم يكن منه فيه أمر ولا نهي، خلا أنه نهاهم عن حصاره، وأرسل الماء والطعام إليه، فكان أكثرهم نفعا " له.
فلما قتلوه أتوا عليا " صلوات الله عليه بأجمعهم، فبايعوه بعد أن دفعهم، فلم يقبلوه منه، لا انصرفوا عنه، وبعد أن شرط عليهم من السمع والطاعة في الحق والعدل، ما تقدم ذكره، وأخذ ميثاقهم، وبيعتهم عليه، بعد أن عقد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم البيعة له في غير موطن - كما تقدم القول بذلك - فلما لم يجد أكثرهم عنده ما عودوه وأرادوه، نكث من نكث منهم عليه وحاربوه، وقعد من قعد منهم عن نصرته وخذلوه، وقام أكثرهم معه وحاربوا من حاربه وناصبوا من ناصبه - كما تقدم القول باخبارهم - وما آلى إليه أمره عليه السلام وأمرهم.
وليس ترك علي صلوات الله عليه القيام على من تغلب عليه بمسقط ما وجب له. وقد أجمع المسلمون على أن سكوت ذي الحق عن طلب حقه ممن هو عنده وعليه، ما سكت عن ذلك ولم يطلبه غير مسقط لشئ منه،