يدعو علي أو عليك فما أسمعه، يدعو إلا لنفسه، يسأل الله الرحمة والمغفرة.
فوجه من تسلمه منه، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقي عنده مدة طويلة، واراده الرشيد على شئ من امره فأبى، فكتب إليه ليسلمه إلى الفضل بن يحيى، فتسلمه منه، وأراد ذلك منه فلم يفعله، وبلغه انه عنده في رفاهية وسعة ودعة، وهو حينئذ بالرقة، فأنفذ مسرورا الخادم إلى بغداد على البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره. فإن كان الامر على ما بلغه أوصل كتابا منه إلى العباس بن محمد وأمره بامتثاله، وأوصل كتابا منه إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد. فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد ما يريد، ثم دخل على موسى فوجده على ما بلغ الرشيد، فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي بن شاهك، فأوصل الكتابين إليهما. فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض ركضا إلى الفضل بن يحيى، فركب معه وخرج مشدوها دهشا حتى دخل على العباس فدعا العباس بالسياط وعقابين، فوجه بذلك إليه السندي، فأمر بالفضل فجرد ثم ضربه مائة سوط. وخرج متغير اللون بخلاف ما دخل، فذهبت قوته فجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا.
وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك وجلس الرشيد مجلسا حافلا وقال: أيها الناس، إن الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي، ورأيت أن العنه فالعنوه. فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت والدار بلعنه.
وبلغ يحيى بن خالد الخبر فركب إلى الرشيد، فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه وهو لا يشعر، ثم قال له: التفت إلي يا أمير المؤمنين فأصغي إليه فزعا، فقال له: إن الفضل حدث وانا أكفيك ما تريد فانطلق وجهه وسر، فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، قد غضضت من الفضل بلعنك إياه فشرفه بإزالة ذلك، فأقبل على الناس فقال: إن الفضل قد عصاني في شئ فلعنته