سمعت الحسين ليلة جمعة ونحن ببطن مر، ولقينا عبيد بن يقطين، ومفضل الوصيف وهما في سبعين فارسا، والحسين راكب على حمار إدريس بن عبد الله وهو يقول:
يا أهل العراق، إن خصلتين إحداهما الجنة لشريفتان، والله لو لم يكن معي غيري لحاكمتكم إلى الله عز وجل حتى الحق بسلفي.
رجع الحديث إلى أوله.
قال: ولقيته الجيوش بفخ وقادها: العباس بن محمد، وموسى بن عيسى، وجعفر ومحمد ابنا سليمان، ومبارك التركي، ومنارة، والحسن الحاجب والحسين ابن يقطين، فالتقوا في يوم التروية وقت صلاة الصبح، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة، وموسى في الميسرة، وسليمان بن أبي جعفر والعباس ابن محمد في القلب. فكان أول من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم، فطحنهم طحنة واحدة حتى قتل أكثر أصحاب الحسين. وجعلت المسودة تصيح للحسين: يا حسين، لك الأمان فيقول: ما أريد الأمان، ويحمل عليهم حتى قتل. وقتل معه سليمان بن عبد الله بن الحسن، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن وأصابه الحسن بن محمد بنشابة في عينه وتركها في عينه، وجعل يقاتل أشد القتال، فناداه محمد بن سليمان: يا بن خال، اتق الله في نفسك ولك الأمان. فقال: والله مالكم أمان ولكني اقبل منكم، ثم كسر سيفا هنديا كان في يده، ودخل إليهم، فصاح العباس بن محمد بابنه عبد الله: قتلك الله إن لم تقتله، أبعد تسع جراحات تنتظر هذا؟ فقال له موسى بن عيسى: إي والله عاجلوه! فحمل عليه عبيد الله فطعنه، وضرب العباس ابن محمد عنقه بيده صبرا، ونشبت الحرب بين العباس بن محمد، ومحمد بن سليمان وقال:
أمنت ابن خالي فقتلتموه فقالوا: نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه.
وذكر أحمد بن الحرث في روايته: أن موسى بن عيسى هو الذي ضرب عنق الحسن بن محمد.