خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
(الواو) عليها لو لم نقدرها مزيدة؟
فقال أبو العباس لسائله: ألست تعلم أن قوله تعال. * (هذا بلاغ) * مصدر * (ولينذروا به) * فعل موضوع في موضع المصدر، لان الأفعال تدل على مصادرها، فالتقدير أن يكون هذا بلاغ للناس وإنذار، فبطل أن تكون (الواو) جاءت لغير معنى، وقد أحسن أبو العباس في هذا الجواب غاية الاحسان.
ومن احتج في تجويز ورود الحروف لغير معنى في غير (1) القرآن، بل على طريق الزيادة والاقحام بقوله تعالى: * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * (2) وقوله: إن (ما) ها هنا زائدة، والمراد: فبرحمة من الله لنت لهم، فليس الامر على ما ظنه، لان (ما) هاهنا لها فائدة معلومة، وذلك أن معناها تفخيم قدر الرحمة التي لان بها لهم، فكأنه تعالى قال: فبرحمة عظيمة من الله لنت لهم، وموقع (ما) ها هنا كموقعها في قوله تعالى * (فغشيهم من اليم ما غشيهم) * (3) فمن قولنا أنه تعالى أراد:
تعظيم ما غشيهم من موج البحر، ولو لم تكن فيه هذه الفائدة لكان عيا، لا يجوز على الحكيم تعالى أن يأتي بمثله، وجمان يجري مجرى قول القائل: أعطيت فلانا ما أعطيته، إذا لم يرد تفخيم العطية.
وإما استشهاد من استشهد على أن (الواو) زائدة في قوله تعالى: * (ولو افتدى به) * (4) بقوله سبحانه: * (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) * (5) ولم يرد بعد ذلك خبرك (إذا) فليس الامر على ظنه لان تقدير ذلك عند المحققين من العلماء * (حتى إذا لجس ها وفتحت أبوابها) * دخلوها * (وقال لهم خزنتها سلام) * لان في

(١) لم ترد في المصدر.
(٢) آل عمران ٣: ١٥٩.
(٣) طه ٢٠: ٧٨.
(٤) آل عمران ٣: ٩١.
(٥) الزمر ٣٩: 73.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»