التعرض للامامية لبناء كتابه على ذكر علمائها ورواتها ومصنفيها، ولم يكن ليخفى حاله أو كتبه عليه، وعلى الأساطين الذين أشرنا إلى أساميهم.
وكتاب المروج من الكتب المعروفة المشهورة، وهو بمرأى منهم ومسمع، وهو كما ذكره على منوال العامة وطريقتهم، إلا أن المتأمل في خبايا كلماته، خصوصا فيما ذكره من خلافة عثمان وسيرته (وفى خلافة أمير المؤمنين عليه السلام، لعله يستخرج ما كان مكتوما في سريرته) (1) وكفاك شاهدا في هذا المقام آخر كلامه بعد ذكر جملة من مناقبه المقتضية لأحقيته بالخلافة، كحديث المنزلة، والطير، والغدير، والاخوة ما لفظه. فلما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وارتفع الوحي، حدثت أمور تنازع الناس في صحتها، ولا يقطع عليهم بها، واليقين من أمورهم ما تقدم، وما روي مما كان في إحداثهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله فغير متيقن، بل هو ممكن، ونحن نعتقد فيهم ما تقدم، والله أعلم بما حدث (2).
(وأصرح (3) منه ما ذكره في أوائل الكتاب، في ذكر المبدأ وشأن الخليقة ما لفظه. وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال:
(إن الله حين شاء تقدير الخليقة، وذرء البرية، وإبداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض، ورفع السماء وهو في انفراد ملكوته، وتوحد جبروته، فأتاح نورا من نوره فلمع، ونزع قبسا من ضيائه فسطع.