وكل شيء يجب أن يرجع في تسبيحه وتقديسه وعبادته وكيفية خضوعه إليه، ويحتمل أن يراد بالمواد عالم الزمانيات والجسمانيات وبالعالم عالم المجردات والروحانيات، وأما حمل أهل المواد على أهل المحبة، وحمل العالم على غيرهم فبعيد كحمل العطف على التفسير فليتأمل.
قوله (ألبسه الله تعالى تاج الوقار) استيناف لبيان السبب الموجب لجعله حجة، والتاج الإكليل وهو ما يصاغ للملوك من الذهب والجوهر وقد توجه فتتوج، والتاج: الإكليل وهو ما يصاغ للملوك من الذهب والجوهر وقد توجه فتتوج أي ألبسه التاج فلبسه، ويقال: العمائم تيجان العرب يعني أن العمائم للعرب بمنزلة التيجان للملوك لأنهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرأس أو بالقلانس، والعمائم فيهم قليلة، والوقار: الحلم والرزانة، وتشبيه بالتاج باعتبار أنه زينة لصاحبه مثل التاج مع الإيماء إلى أنه أولى بالملك والخلافة.
قوله (وغشاه من نور الجبار) أراد بالنور العلم لاشتراكهما في رفع الحجاب والإيصال إلى المطلوب، ووضع الجبار موضع الضمير للإشارة إلى أنه بتلك التغشية جبر نقائص الخلائق ومفاقرهم وتلك نعمة عظيمة.
قوله (يمد بسبب إلى السماء) (1) يمد على صيغة المعلوم حال عن فاعل غشاه وفاعله فاعله.
و «بسبب» مفعوله بزيادة الباء والسبب: الطريق، وأيضا الحبل الذي يتوصل به إلى الماء، ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى شيء. وقيل: لا يسمى الحبل سببا حتى يكون أحد طرفيه معلقا بالسقف ونحوه يعني يمد الله سبحانه طريقا أو حبلا من نور إلى السماء كيلا ينقطع عن الإمام أو عن نوره الذي غشاه به مواد ذلك النور بل يفيض عليه من فضل الله تعالى أنوارا متجددة من ذلك السبب ويؤيده ما سيجيء عن أبي عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال «الإمام إن شاء أن يعلم علم» يريد أن جهلهم عبارة عن عدم توجه النفس فإن توجهت علمت من غير كسب ولا مشقة وعنه (صلى الله عليه وآله) «أن للأئمة في كل ليلة جمعة علوما متجددة مستفادة ولولا ذلك لأنفدوا» (2).