شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١١٩
في النوم حق وأنه من الملك؟ قال: يوفق لذلك حتى يعرفه، لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء.
* الشرح:
قوله: (يوفق لذلك حتى يعرفه) (1) معنى التوفيق هنا خلق القدرة على تمييز الخطأ عن الصواب، وأعلم أن رؤيا الأنبياء (عليهم السلام) لازمة الوقوع لأنها صادقة حق لا أضغاث أحلام ولا تخيل ولا مدخل للشيطان وخبث الظاهر والباطن فيها. وأما رؤيا غيرهم فقد تصدق وقد لا تصدق، والصادق جزء من خمسة وأربعين جزءا ومن سبعين جزءا من النبوة على ما دلت عليه الأخبار.

١ - قوله: «يوفق لذلك حتى يعرفه» شبهة كانت تختلج في ذهن الناس على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وبعده وأجيب عنها في القرآن وذلك لأنهم غالبا لم يكونوا يتهمون النبي (صلى الله عليه وآله) في رؤيته صورة وسماعه وصوتا بالأمر والنهي ولكن كانوا يقولون من أين يعلم أن ما يراه حق واقع بل هو خيال باطل يتمثل له كما يتمثل للمصروعين والمبرسمين كذلك الرؤيا في المنام قد تكون حقا وقد تكون باطلا لكن محمدا اشتبه عليه الأمر فزعم ما ليس بحق حقا وقال الله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى) وقد كانت الملاحدة يعودون الناس الحشيش يشربونه فيتمثل في أذهانهم صور غير واقعة حتى يتمكن في خاطرهم إمكان رؤية شيء غير حقيقي ثم لا يتعجبون من دعواهم حصول مثل ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله) والتحقيق أنه كما يمكن تمثل شيء لا حقيقة له في الحس المشترك كالشعلة الجوالة كذلك يمكن تمثل شيء حقيقي وليس الامتياز بين الحقيقة وغيرها أن الحقيقي يشترك في ادراكه كل الناس وغير الحقيقي يختص به أحدهم كما توهم وذلك لأن الشعلة الجوالة يشتركون في إدراكها ولا حقيقة لها والرؤيا الصادقة التي لها تعبير كرؤيا فرعون سني القحط كانت لها حقيقة واختص هو برؤيتها، وكما أن الإنسان يدرك بالوجدان حال اليقظة أنه يقظان وليس نائما ويدرك الأشياء حقيقة كذلك كان الأنبياء يدركون أمورا ويعرفون أنها حق واقع بالعلم الضروري وكان الله تعالى يقرن وحيه بآيات تدلهم وغيرهم كما إذا ألهم أحد بأن زيدا يجيء غدا في الساعة المعينة فجاء في تلك الساعة وتكرر مثله مرة أو مرات حصل له العلم بصحة إلهامه وميز بينه وبين الخاطر والمجهول المبدأ وربما يحاسب المحاسب ويتيقن بصحة حسابه وإن كان قد يخطئ ولكن لا يشك في صحة هذا الحساب فكيف الأنبياء وهم قد علموا أن الله تعالى يحفظهم من شوب الباطل بالحق وظهور الكاذب في صورة الصادق وأن ما يرونه ليس خيالا حاصلا في ذهنهم من غير أن يكون له مبدأ في الخارج بل له مبدأ خارجي حصل الصورة في ذهنهم بتأثير ذلك المبدأ وما ورد من قوله (فإن كنت في شك مما أنزلنا) فهو مأول بما ذكر في التفاسير. (ش)
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست