ويحتمل أيضا أن يكون حالا عن ضمير «به» أو عن مفعول ما خلق وضمير «منه» حينئذ راجع إلى لباس الذل إلا أن في ربط «أن يقول» بما قبله خفاء يزول بالتقدير أي أن يقول له يعني: لم يخرج المخلوق من لباس الذل في حدوث ذاته وصفاته ووجوده وبقائه، ومن أن يقول الله تعالى له: كن فيكون طرفة عين، وفيه إشارة إلى أن الممكن في بقائه يحتاج إليه سبحانه، وسر ذلك ما أشار إليه جماعة من المحققين منهم بهمنيار في التحصيل من أن كل ممكن بالقياس إلى ذاته باطل وبه تعالى حق كما يرشد إليه قوله تعالى (كل شيء هالك إلا وجهه) فهو آنا فآنا يحتاج إلى أن يقول له الفاعل الحق:
كن، ويفيض عليه الوجود بحيث لو أمسك عنه هذا القول والإفاضة طرفة عين لعاد إلى البطلان الذاتي والزوال الأصلي كما أن ضوء الشمس لو زال عن سطح المستضيء لعاد إلى ظلمته الأصلية (والقاهر منا، على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى) كيف وقهرنا ينادي بالعجز والنقصان، وقهره ينادي بكمال الغلبة والسلطان، فسبحان من قهر الجبابرة بالموت والنكال وغلب القياصرة بدون السيف والنصال (وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نستجمعها كلها) مثل الرازق والباري والقدوس والقيوم وغير ذلك من الأسماء التي لم يقع التسمية بها في الخلق (فقد يكتفي بالاعتبار بما ألقينا إليك) فإن العاقل اللبيب يعرف في جميع أسمائه ما يليق به بالقياس إلى ما ذكر، ولو وقعت التسمية بها في الخلق لعرف الفرق بين المعنيين (والله عونك وعوننا) العون الظهير على الأمر والجمع الأعوان (في إرشادنا) إلى الحق (وتوفيقنا) لقبوله. وفي تقديم الدعاء للمخاطب أولا وضمه إلى أنفسهم القدسية ثانيا تعطف به وإيماء إلى كمال القرب بينهم وبين شيعتهم التابعين لأقوالهم وأعمالهم.