شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٧٧
فعل ما، ومحبته تعالى للشيء إرادته، والرضا قريب من المحبة ويشبه أن يكون أعم منها; لأن كل محب راض عما أحبه ولا ينعكس، وقد قيل: إن الرضاء على ما يقتضيه القرآن مستلزم للإرادة أو إرادة مخصوصة ولعل تلك الإرادة المخصوصة هي التي ذهب إليها بعض الأصحاب من أن الرضا إرادة متعلقة بالأمور الحسنة من حيث هي كذلك، الثاني أن إرادة الكفر من شخص والاعتراض عليه قبيح بحسب العقل، فلا يصح إسناده إليه تعالى، الثالث أن ترك الاعتراض يتحقق في المباحات والمكروهات ولا يقال: إنه تعالى راض عن العباد بفعلها، الرابع أن التأييد المذكور في محل المنع; لأن رضا العبد بالآلام عبارة عن إرادتها ترجيحا لإرادته تعالى على إرادة نفسه، وترك الاعتراض تابع لتلك الإرادة.
* الأصل:
6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام) قال الله: ابن آدم! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء وبقوتي أديت فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا، بصيرا، قويا، ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذاك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني وذاك أنني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام) قال الله: ابن آدم) بحذف حرف النداء وفي كتاب العيون «يا ابن آدم» بذكرها (بمشيئتي) مشيتك وتوفيقك واللطف بك (كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء) (1) من

١ - قوله: «بمشيتي كنت أنت الذي تشاء» شاء الله أن يكون الإنسان مختارا في أفعاله فإذا اختار عملا لم يكن خارجا عن مشيئة الله تعالى من جهة أنه شاء اختيار العبد وإن كان مختار العبد مبغوضا ولو أراد إجبار العباد على الخير كان قادرا عليه بأن لا يوجد أسباب المعصية ولا يخلق لهم الخمر والخنزير وكان الرجل إذا أراد ضرب آخر أو قتله أو سرقة ماله شلت يده وإذا أراد الزنا سلبت عنه الشهوة، وهكذا ولكنه تعالى أقدرهم على الخير والشر معا، وخلق لهم أسباب كل فعل وآلاته وخيره مع أنه يبغض المعاصي بأسبابها لينتهي العبد باختياره وكان خير الاختيار بالنسبة إلى شر المعصية كثيرا جدا، ألا ترى أن الملك المقتدر إن أراد قمع مادة الفساد وإفناء دواعي القتل والسرقة من بلاده يمنع جميع الناس من تملك أسبابهما كالسيف والسكين وآلات النقب والكسر والسلم وأمثال ذلك إن فرضنا إمكان ذلك له لزم منه حرمانهم من جميع المنافع والفوائد وفسد أمرهم لكن يخليهم وتملكهم تلك الأسباب لمنافعها وإن لزم منه القتل والسرقة أحيانا; لأن ضرر سلب الاختيار عن الناس في أعمالهم أعظم بكثير منه، وحينئذ فلا يمكننا أن نقول رضي الملك بالقتل والسرقة وأنهما عملان مقبولان عنده حيث لا يمنع منه جبرا قهرا ولا أنه أراد وقوع القتل والسرقة بالذات وشاء وقوعهما بالنظر الاستقلالي بل شاء بالعرض كما أن الأب يريد إيلام ابنه بالحجامة ولا يريد الإيلام بالذات بل يريد تحصيل سلامته من المرض بالذات، والسلامة لا تنفك عن الإيلام فهو يريد الإيلام بالعرض. (ش)
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست