«قلت: فما معنى أراد؟ قال: الثبوت عليه» يعني على ابتداء الفعل ومن هاهنا فسر بعضهم الإرادة تارة بأنها العزيمة على المشية وتارة بأنها الإتمام لها وتارة بأنها الجد عليها (قلت: ما معنى قدر؟ قال: تقدير الشيء من طوله وعرضه) المراد به تعيين ذات الشيء وصفاته وحدوده وكيفياته وسائر ما يدخل في خصوصياته، وقيل: التقدير هو الإعلام والتبيين. وقيل: هو الكتابة في اللوح المحفوظ. وقيل: غير ذلك، ولا شبهة في صحة تعلق تقديره تعالى بهذه المعاني بجميع الأشياء.
(قلت ما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضاه (1) فذلك الذي لا مرد له); لأن إمكان رد الشيء وتركه والقدرة عليها إنما هو قبل القضاء والايجاد وأما بعدهما فقد خرجا عن تحت القدرة والفاعل كالمجبور لا يقدر على إيجاده وعدم إيجاده; لأن إيجاد الموجود وعدم إيجاده محال وتحقق هذا المعنى لقضائه في أفعاله ظاهر، وكذا لقضائه في أفعال العباد إذ قضاؤه فيها أعني الحكم عليها بالثواب والعقاب كما عرفت آنفا أيضا لا مرد له.
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبان، عن أبي بصير قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: نعم.
قلت: وأحب؟ قال: لا.
قلت: وكيف شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحب؟ قال: هكذا خرج إلينا.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبان، عن أبي بصير قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: نعم) قد عرفت وجه تعلق هذه الأمور بجميع الأفعال آنفا (قلت وأحب) جميع ما شاء وأراد وقدر وقضى؟ (قال: لا) أي لا يحب جميع ذلك، فالنفي وارد على الإيجاب الكلي، وإنما قلنا ذلك; لأن الايجاب الجزئي ثابت وذلك لأن الله تعالى يحب جميع أفعاله ويرضاه ويحب بعض أفعال عباده أعني الطاعات والخيرات ولم يحب بعضها أعني