شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٧١
المعاصي والشرور. وفي نفي الإيجاب الكلي رد على الجبرية لأنهم قائلون بأنه تعالى يريد ويحب جميع أفعالهم حتى الكفر والزناء والسرقة وغير ذلك من القبايح والشرور بناء على أن جميع أفعالهم مخلوقة له تعالى بلا واسطة (قلت: وكيف شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحب) لعل السائل لم يعرف معاني هذه الأمور عند تعلقها بأفعال العباد حتى يعرف أنها لا يستلزم المحبة لجميع أفعالهم والرضا بها أو عرفها ولم يعرف معنى محبته تعالى لأفعالهم وهو الإثابة بها والمدح عليها أو عرفه أيضا ولم يعرف علة عدم الاستلزام إذ لو حصلت له المعرفة بتلك الأمور لما خفي عليه وجه عدم الاستلزام ولم يحتج إلى السؤال (قال: هكذا خرج إلينا) (1) من الوحي أو من البيان النبوي، وفيه على الأولين زجر له على الخطأ في السؤال حيث لم يسأل عن الطرفين المجهولين له وسأل عن علة عدم استلزام أحدهما للآخر، وهذا خلاف قانون التعلم، وعلى الأخير تنبيه له على أن الواجب عليه أمثال ذلك بعد حصول أصل المطلب هو التسليم والإذعان ولا يضره الجهل بلمية الحكم، والله أعلم.
* الأصل:
3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أمر الله ولم يشأ وشاء ولم يأمر، أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا يسجد ولو شاء لسجد، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها ولو لم يشأ لم يأكل.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أمر الله ولم يشأ) لعل المراد أنه أمر الله بشيء على وجه الاختيار

1 - قوله: «هكذا خرج الينا» مقصود السائل والمجيب من الواجب ما لا يحتاج إلى علة والحقيقة أن المعلول لا يمكن وجوده إلا بعلة وذلك; لأن كل فعل صدر عن الإنسان فهو صادر عن ارادته ولا يمكن صدوره كذلك كما أن وجود البياض والسواد وساير الاعراض لا يمكن إلا حالا في محل فإذا تعلق العلم الأزلي بوجود العرض فليس معناه أن ذاك العرض يوجد منفكا عن الموضوع بل احتياجه إلى الموضوع ذاتي له فإذا علم الله تعالى وجود البياض وتعلق به مشيئته فقد تبين أنه علم وجود جسم هو موضوعه وتعلق به أيضا مشيئته وإذ علم صدور فعل من زيد مثلا وصدور الفعل منه لا يكون إلا باختياره وارادته دفعا للجبر فقد علم وجود الاختيار والإرادة من زيد باختياره وإرادته ثم صدور الفعل عنه وليس معنى علمه تعالى بصدور الفعل عن زيد أنه يصدر عنه ولو لم يكن عن إرادة حتى يكون واجبا بل علمه تعلق بالفعل على ما هو عليه ذاتا من الاحتياج إلى علته التي هي إرادة الفاعل واختياره. (ش)
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست