الذكرة ويحتمل أن يقرأ «ذكره» بالضمير الراجع إليه سبحانه، والحمل في الصورتين إما على سبيل المبالغة والتجوز في الإسناد أو على سبيل التجوز في الكلمة بأن يراد بالذكرة ما به الذكرى وهو آلتها.
(وكان الله ولا ذكر) إذ لم يكن في الأزل ذاكر، وإذا كان كذلك كان ما به الذكر وهو الأسماء والصفات حادثا وإن كان المذكور وهو الله جل شأنه قديما كما أشار إليه بقوله (والمذكور بالذكر هو الله (1) القديم الذي لم يزل والأسماء والصفات مخلوقات والمعاني) (2) الواو في قوله والمعاني بمعنى مع أو للعطف على الصفات أو على الأسماء يعني أن الأسماء والصفات ومعانيها اللغوية ومفهوماتها العرفية القائمة بالنفوس السافلة والعقول المقدسة العالية مخلوقة دالة على وجود الصانع القديم لأنك قد عرفت آنفا أن كل ما يتناوله اللسان أو يدركه الأوهام والأذهان فهو مخلوق. وفي بعض نسخ هذا الكتاب وفي كتاب التوحيد للصدوق رحمة الله «مخلوقات المعاني» بالإضافة وهو الأظهر.
(والمعني بها) أي المقصود بتلك الأسماء والصفات (هو الله) يعني هو المسمى بالله (الذي لا يليق به الاختلاف والايتلاف) أي لا يليق به الانفكاك والتحليل ولا الانضمام والتركيب، أو لا يليق به الاختلاف من حال إلى حال ولا ايتلاف حال بحال، أو لا يليق به اختلاف الأجزاء وتباينها ولا ايتلاف الأجزاء وتناسبها، أو لا يليق به كونه معروضا لشيء ولا كونه مركبا من شيء، وبالجملة فيه كناية عن نفي التركيب مطلقا; إذ كل مركب لا يخلو من هذين الأمرين كما أشار إليه بقوله (وإنما يختلف ويأتلف المتجزي) بأجزاء خارجية أو وهمية أو عقلية أو اعتبارية صرفه كتجزئة البسيط مثلا إلى ذات وإمكان ووجود وغير ذلك (فلا يقال الله مؤتلف) يوجد فيه الايتلاف والتعدد والكثرة وهذا متفرع على السابق; لأن عدم جواز القول بأنه مؤتلف بمنزلة النتيجة لعدم كون الاختلاف والايتلاف لايقا به (ولا الله قليل ولا كثير) الظاهر أنه عطف على قوله «الله مؤتلف» ومندرج تحت القول فهو