الباري عز سلطانه مثل المصنوعات التي يتعلق إدراكه بها من المتحيزات وما يقوم بها، ثم يحكيه الخيال بصورة منها، ثم يساعده العقل في مقدمة أخرى وهي أن حكم الشئ حكم مثله فيجري حينئذ عليه صفات مخلوقاته التي حكم بمثليته لها، وقال بعض المحققين: الجهتان أولاهما أن يكون الموهوم مما تحده الحواس وتحيط بحقيقته وأخراهما أن تمثله بصورته وشبحه وقوله: «إذ كان النفي - إلى آخره» دليل على مخلوقية الموهوم بإحدى هاتين الجهتين والمعنى أن كل موهوم بالحواس بإحدى هاتين الجهتين مخلوق أما الجهة الأولى فلان حصول الحقيقة بعد النفي ونفيها بعد الحصول في الوهم إبطال وعدم للحقيقة وكل ما يطرأ عليه العدم أو يكون معدوما يكون ممكن الوجود محتاجا إلى الفاعل الصانع له فلا يكون مبدأ أولا، وأما الجهة الثانية فلأن حصوله بالشبح والصورة يتضمن التشبيه والتشبيه صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، أو المراد بالجهتين جهتا الاستدلال بالمحدودية والممثل فيه على المخلوقية إحداهما جهة النفي ثانيهما جهة التشبيه انتهى.
والذي يظهر من كتاب التوحيد للصدوق وكتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي، أن في نسخة هذا الكتاب خللا وساقطا وكان السقوط نشأ من الناسخ الأول وفيهما هكذا «ولكنا نقول: كل موهوم بالحواس مدرك مما تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق ولا بد من إثبات صانع للأشياء خارج من الجهتين (1) المذمومتين إحداهما النفي إذ كان النفي هو الإبطال والعدم والجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه من صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف».