شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٤٧
في أفراد الإنسان فإنه لا يتم نظامهم وبقاؤهم ومعاشهم بدون التمدن والتعاون وبالجملة إذا تأملت في هذا العالم تأملا صحيحا كاملا وجدت كل واحد من أجزائه مرتبطا بالآخر ومفتقرا إليه بوجه ما ومنتفعا به انتفاعا محسوسا أو معقولا بحيث يختل نظامه في نفسه بل نظام الكل لولا ذلك الآخر كما يختل نظام أحوال الشخص الإنساني المركب من الإجراء المتشابهة والقوى الظاهرة والباطنة باختلال بعض هذه الأمور.
(على أن المدبر واحد) صنعه على النظام الأحسن والقوام الأتقن بعلمه الشامل وتدبيره الكامل وذلك إما لما قيل من أن التناسب والتلازم بين الشيئين لا يتحقق إلا بعلية أحدهما للآخر أو بمعلوليتهما العلة واحدة موجبة لهما فلو تعدد المدبر اختل الأمر وفسد النظام كما يشير إليه قوله تعالى (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا).
وإما لأن التدبير الواحد لا يجوز استناده إلا إلى مدبر واحد لامتناع اجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد شخصي، وإما لأن المدبر الواحد كاف لصدور التدبير الجملي وإذا لاحظنا معه أن المشاركة نقص لا يليق بالواجب بالذات أو لاحظنا لزوم التعطيل علمنا أنه لا مدبر غيره، لا يقال هذه الوجوه إنما تنفي وجود مدبرين متفقين مستقلين في صدور الكل وصدور كل واحد واحد ووجود مدبرين يستقل أحدهما كذلك ويستقل الآخر في البعض لا وجود مدبرين غير متفقين بأن يستقل أحدهما في بعض والآخر في بعض آخر بحيث يحصل من المجموع هذا النظام والتدبير لانا نقول: كل واحد إذا لم يستقل في الكل، فإن استقل مجموعهما لزم أن يكون المجموع هو المدبر وهذا مع كونه باطلا لاستحالة التركيب في الواجب دافع للاثنينية، وإن استقل أحدهما في بعض والآخر في بعض آخر لزم النقص المحال على الواجب بالذات وارتفاع التلازم والايتلاف بين البعضين وإلا لزم عدم استقلال كل واحد في البعض أيضا هذا خلف.
ثم استدل على نفي الاثنينية بدليل آخر من غير ملاحظة هذا العالم ونظامه وايتلافه وهو قوله (ثم يلزمك) وإنما أتى بثم للإشارة إلى بعد مرتبته عن الأولين إذ فيه مع إبطال الاثنين إلزام للقايل بهما ما لا يلزمه هو ولا عاقل غيره فثم للعطف على قوله «فإن قلت إنهما اثنان» وهذا أحسن من جعله عطفا على قوله «فلما رأينا» وجعل المعطوف عليه دليلا على إبطال الاثنين في صورتي الاتفاق والافتراق جميعا أو في صورة الافتراق فقط وجعل المعطوف دليلا على إبطالهما في صورة الاتفاق فقط.
(إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين) متفقين في تمام الحقيقة أو مختلفين إلا أن ما به الامتياز والانفصال وهو المعبر عنه بالفرجة على الأول بالهويات وعلى الثاني بالفصول وإنما
(٤٧)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست