عبر عنه بالفرجة الفاصلة بين المحسوسات تقريبا له إلى فهم المخاطب الزنديق إذ وهمه مربوط بالمحسوسات وفهمه متعلق بالجسم والجسمانيات فخاطبه بما يليق بحاله.
(فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما) أي موجودا قديما مع الاثنين أما وجوده فلأنه لو كان أمرا عدميا لزم أن لا يكون لكل واحد منهما مميزا إذ ليس لكل واحد منهما الأمر العدمي الذي للآخر لتحقق معنى الامتياز فلا بد أن يكون له الأمر الوجودي الذي يقابله فلا يرد أنه يجوز أن يكون الفرجة أمرا عدميا فلا يلزم وجود إله ثالث وأما قدمه فلأن الاثنين القديمين ممتازان به فهو أيضا قديم بالضرورة وإنما لم يقل ثالثة قديمة لأنه نظر إلى المعنى وهو مذكر (فيلزمك ثلاثة) أي فيلزمك القول بوجود آلهة ثلاثة أو ثلاثة آلهة أو قدماء ثلاثة (فإن ادعيت) في أول الفرض أو بعد الإلزام (ثلاثة لزمك ما قلت ما في الاثنين) من وجوب تحقق الفرجة بينهم ليتحقق الثلاثة (حتى تكون بينهم فرجة) أي فرجة آخري غير المذكور أو أراد بالفرجة الجنس فيصدق على الفرجتين فصح قوله (فيكونوا خمسة) فيكون الثلاثة مع الفرجتين خمسة، فإن قلت: المراد بالفرجة ما به الامتياز ولا شبهة في أنه لا بد لكل واحد من الثلاثة ما يمتاز به عن الآخرين فاللازم حينئذ أن يكونوا ستة لاخمسة، قلت المراد بالفرجة هنا الأمر الوجودي الذي يقع به الامتياز واللازم حينئذ ثبوت الفرجتين لجواز امتياز الثالث عن الأولين بأمر عدمي أي بعدم وجود هذين الفرجتين فيه ولذلك لزم في الفرض الأول ثلاثة لا أربعة، فإن قلت: إذا جاز ذلك في الثالث جاز في الأولين أيضا فلا يتجاوز العدد عن ثلاثة.
قلت: قد عرفت مما ذكرنا أن امتياز كل واحد من الثلاثة بأمر عدمي يقتضي امتياز كل واحد منهم بأمر وجودي ولا أقل امتياز الاثنين منهم به، فإن ادعيت خمسة لزمك ما لزمك في الثلاثة حتى يكون بينهم فرج أربعة فيكونوا تسعة.
(ثم يتنامى في العدد) أي ينتهي المدبر في العدد أو ينتهي القول في عدده (إلى ما لا نهاية له في الكثرة) فيلزمك أن لا تستقر في عدد المدبر على مرتبة معينة من مراتب العدد فإن كل ما ادعيت يلزمك زايدا عليه وأن تقول بأن عدد المدبر يكثر كثرة غير متناهية وهو باطل قطعا، ولعل ما قلناه في شرح هذا الذليل أولى مما قاله بعض الأفاضل (1) من أن المراد أنه يلزمك إن ادعيت