كما هو شأن واجب الوجود بالذات حيث أنه يجب أن يكون قاهرا على جميع ما سواه (أو يكونا ضعيفين) ليس لواحد منهما تلك القوة والقدرة والاستقلال (أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا) هذه احتمالات ثلاثة لا يزيد ولا ينقص وكلها باطل وفي بطلان الثالث إثبات للوحدة.
(فإن كان قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه) عن التصرف.
(وينفرد بالتدبير) والربوبية ويتخلص عن نقص المشاركة، والحاصل أن كونهما قويين على الاطلاق يقتضي جواز دفع كل واحد منهما صاحبه لأن من شأن القوي المطلق أن يكون قاهرا على جميع ما سواه كما عرفت وجواز ذلك يوجب بالضرورة ضعف كل واحد منهما وعدم استقلاله وكماله في القدرة والقوة وهذا نقيض المفروض وكل ما يلزم من فرضه نقيضه فهو باطل، ثم يلزم من تساويهما في القوة والدفع إما عدم التكوين والإيجاد إن توافقت إرادتهما وإليه يشير قوله تعالى (قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وقوله تعالى (ولعلا بعضهم على بعض) أو تحقق الضدين معا إن تخالفت بأن يريد أحدهما شيئا والآخر ضده أو عدمه فإنه إذا منع كل واحد منهما صاحبه عن مراده لزم تحقق الضدين فإن قلت: تحقق الضدين غير محتمل إذ لا يقع بينهما مخالفة في الإرادة (1).
أما أولا فلأن كل واحد منهما حكيم والحكيم لا يريد إلا ما هو الأفضل والأفضل من الطرفين ليس إلا واحدا.
وأما ثانيا: فلعلمهما في الأزل بالكاينات كلها والكاين من الطرفين ليس إلا أحدهما فلذلك العلم يمنع وقوع المخالفة بينهما، قلنا الأول مدفوع لأن الفعل لو لم يتوقف على الدواعي والمصالح ويحصل بمجرد الإرادة جاز وقوع المخالفة بينهما في الإرادة وكذا إن توقف عليها لأن الدواعي والمصالح قد تتعلق بالطرفين من جهتين والثاني أيضا مدفوع لأن العلم لا يمنع وقوع الاختلاف بينهما في الإرادة إذ العلم تابع للإرادة فلو كان سببا لها لزم الدور هذا وأما القول بأن المقصود من