عملت [ه] الأيدي فهو مخلوق، والله غاية من غايته، والمغيي غير الغاية والغاية موصوفة وكل موصوف مصنوع وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى، لم يتكون فيعرف كينونيته بصنع غيره ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره، لا يزل من فهم هذا الحكم أبدا وهو التوحيد الخالص فارعوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله، من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لأن حجابه ومثاله وصورته غيره، وإنما هو واحد متوحد، فكيف يوحده من زعم أنه عرفه بغيره وإنما عرف الله من عرفه بالله، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يعرف غيره، ليس بين الخالق والمخلوق شيء والله خالق الأشياء لا من شيء كان، والله يسمى بأسمائه وهو غير أسمائه والأسماء غيره.
* الشرح:
(محمد بن أبي عبد الله) هو محمد بن جعفر بن عون الأسدي الكوفي الثقة ساكن الري (عن محمد ابن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن بكر بن صالح، عن علي بن صالح، عن الحسن بن محمد خالد ابن يزيد) في كتاب التوحيد للصدوق «عن الحسن بن محمد عن خالد (عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اسم الله غير الله) في بعض النسخ «غيره» يعني اسم الله غير المسمى به وهو الذات المقدسة (وكل شيء) أي كل معنى أو ذات (وقع عليه اسم شيء) يعني أطلق عليه هذا اللفظ وهو الشيء فالإضافة بيانية (فهو مخلوق) حادث بعد العدم (ما خلا الله) فانه قديم غير مخلوق وقد ثبت مما ذكر أن أسماءه تعالى مخلوقة حادثة وهو المقصود هنا.
(فأما ما عبرته الألسن) عبرته إما بالتخفيف عن العبور بمعنى المرور أو بالتشديد عن التعبير (أو عملته الأيدي) أي أيدي الأبدان أو أيدي الأفكار (فهو مخلوق) يعني كل ما تناولته الألسن من الأقوال والأسماء وكلما عملته الأيدي من الصور والنقوش وكلما أدركته العقول العالية والسافلة من الحقايق والدقايق اللطيفة من صفاته فهو مخلوق محدث له نهاية ذكرية وحدود عقلية فمن اعتقد أنه هو الله فقد جعل إلهه ما بلغ إليه نظره واعتقد أن له نهاية وحدودا كما أشار إليه بقوله (والله غاية من غاياه) ضمير الفاعل راجع إلى الوصول وضمير المفعول إلى الله والمراد بالغاية نهاية ما تناوله الإنسان بالقلب واللسان يعني أن الله - نعوذ بالله - هو النهاية التي يتناولها كل من غياه وجعل له نهاية وحدودا ينتهي إليهما قلبه ولسانه، ثم أشار إلى فساد ذلك وصرح بأن الله ليس هذا بقوله (والمعنى غير الغاية) يعني المعنى الحق بذاته وهو ذاته المقدسة غير غاية ما يبلغ إليه نظر الخلق ونهايته المحدودة بالحدود المعلومة بوجه من الوجوه الاعتبارية والحقيقيه ويصفه من الصفات القولية والفعلية وإنما لم يقل والله غير الغاية لئلا يتوهم أن المراد هذا الاسم الشريف لأنه أيضا لا يخلو من