شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٩٣
الأشياء، والتصديق بهذا القدر واجب علينا (1) وكاف لما نحن بصدده من الحكم بحدوث الأسماء، وأما تعيين ذلك الواحد وما خرج منه بالغا ما بلغ فليس له مدخل في أصل المطلب وهو مع ذلك خارج عن أفهامنا فلو عيناه كان ذلك رجما بالغيب (2).

1 - قوله «والتصديق بهذا القدر واجب» ظاهره غير صحيح وغير مراد البتة إذ لم يقل أحد من المسلمين بوجوب التصديق بعدد أسماء الله تعالى وأنها ثلاثمائة وستون أو أقل أو أكثر وأن الأكثر منها يرجع إلى الأقل وغير ذلك مما ذكره بل لا يجب التعرض لتحقيق أمثال هذه الأمور والمسائل ولو كان العلم بها واجبا لم يكن هذا الخبر كافيا في البرهان عليه لأنه خبر واحد ضعيف الإسناد وإنما أتى به لتأييد حكم العقل فيما للعقل إليه طريق كحدوث الألفاظ الدالة على أسماء الله تعالى نعم يصح كلام الشارح (رحمه الله) بناء على فرض غير واقع وهو أن يعلم يقينا صدور هذا الخبر بجميع خصوصيات ألفاظه من المعصوم وفرض اطلاع جميع أفراد المؤمنين على هذا الخبر، نعم يجب الاعتراف بحدوث كل شيء غير الله تعالى أعني عدم وجود شريك له في القدم الذاتي وأما الاسم فقد يطلق على هذه الألفاظ كالألف واللام والراء والحاء والميم والنون ولا شك أنه حادث وقد يطلق على الذات بقيد الاتصاف بصفة لكون اللفظ دالا عليه كما يطلق الحاكي على المحكي ولا يجوز إطلاق الحدوث عليه فلا يقال الرحمن الرحيم حادث فإن معناه أن الله تعالى حادث وثالثة يطلق على مظهر الاسم من الممكنات كما يطلق الغيث على النبات والسماء على المطر قال الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم * رعيناه وان كانوا غضابا فهذه الثلاثة احتمالات في المراد من الاسم في هذا الحديث أما الاحتمال الأول فقد صرح فيه بأنه غير مراد إذ قال وخلق اسما بالحروف غير متصوت وأما الاحتمال الثاني فليس بمراد قطعا إذ ليس ذات واجب الوجود وأو مع اعتبار صفاته مخلوقا إلا بتكلف غير مرضي فبقي الاحتمال الأخير وأن يكون المراد بأسماء الله تعالى مخلوقاته الممكنة باعتبار دلالة كل منهما على صفة من صفاته تعالى وليس استعمال مثله غريبا غير معهود في لغة العرب فإذا رأيت دخانا قلت انظر كيف احترق الموضع الفلاني وإذا نظرت إلى المطر قلت انظر إلى فضل الله ورحمته لأن المطر مظهره ولذلك اجتهد المحققون من الشراح لتطبيق اسم الله المخلوق أولا على مثل الوجود المنبسط أو العقل الأول والأسماء الأخر على ساير مخلوقاته واستغراب بعضهم ذلك في غير محله وإلا فليأتوا بشي خير منه وأحسن أنطباقا على الخبر ولا استغراب أيضا في تسمية المخلوق الأول بالعقل الأول إذ لا ريب في أن الصادر الأول عنه تعالى لم يكن موجودا طبيعيا جامدا بلا شعور بل هو عاقل وهو أول الموجودات فيصح أن نسميه بالعقل الأول سواء كان لوحا أو قلما أو ملكا أو غير ذلك. (ش) 2 - قوله «كان رجما بالغيب» ولذلك لم يعينه أحد من المفسرين على البت والتعيين بل ذكروا ما ذكروا احتمالا وتمثيلا كما صرحوا به وقد مر، وإنما لم يصرح الإمام (عليه السلام) بالتعيين إذ قد لا يتعلق الغرض به كما يتفق لنا نظيره في الأمور العادية فنريد ضبط بعض الأمور إجمالا لعدم حاجة أو لعدم طريق لنا إلى التفاصيل كما نقول البحور العظيمة المسماة بالأقيانوس خمسة وكل واحد ينشعب إلى بحار، وأقاليم الأرض سبعة وكل واحد ينقسم إلى بلاد ونواح.
واعلم أن هذا الحديث يحتاج إلى شرح أكثر مما ذكره الشارح (رحمه الله) ولكن نحن لم نأل جهدا من إضافة بعض ما يتضح به مقاصد الشارحين بقدر ما يسع المقام والله ولي التوفيق. (ش)
(٢٩٣)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست