شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٩١
الطول والعرض وإلى إيجاد بوضع الأحجار والأخشاب على نهج خاص وإلى تزيين ونقش وتصوير فهذه امور ثلاثة مترتبة يصدر عنه جل شأنه في إيجاد الخلائق من كتم العدم، فله سبحانه باعتبار كل منها اسم على ذلك الترتيب.
(الحي القيوم) المدرك الدائم بلا زوال القائم على كل شيء بالحفظ والرعاية (لا تأخذه سنة ولا نوم) إشارة إلى اعتبارات سلبية، والسنة فتور يتقدم النوم (العليم) بجميع الأشياء كليها وجزئيها قبل وجودها وبعدها (الخبير) بدقائقها وحقايقها (السميع) العليم بالمسموعات (البصير) العالم بالمبصرات (الحكيم الموجد للأشياء على وفق المصالح والتقدير والمتقن لإيجادها على وفق الحكمة والتدبير (العزيز) الذي لا يعاد له شيء ولا يغلبه أحد (الجبار) الذي يجبر الخلق ويقهرهم على ما ليس لهم فيه اختيار، أو يجبر حالهم ويصلح نقائصهم (المتكبر) المنزه عن الحاجة والنقص (العلي) العالي على الخلق بالقدرة عليهم أو المرتفع عن الأشياء والاتصاف بصفاتهم (العظيم) الذي لا يدرك أحد كنه جلاله ولا يعرف نهاية كماله (المقتدر) الذي له اقتدار تام بحيث لا يجري شيء في ملكه بخلاف حكمه (القادر) الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل (السلام) وهو مصدر معناه ذو السلامة من كل عيب وآفة، أو معناه المسلم لأن السلامة تنال من قبله (المؤمن) الذي يصدق وعده أو يصدق ظنون عباده ولا يخيب آمالهم أو يؤمنهم من الظلم والجور أو يؤمن من عذابه من أطاعه (المهيمن) وهو الرقيب الحافظ لكل شيء أو الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول وفعل وأصله مأءمن بهمزتين من أءمن قلبت الثانية ياء كراهة اجتماعهما فصار مأيمنا ثم صيرت الاولى هاء كما قالوا أهراق الماء وأراقه.
(الباري) الظاهر أنه مكرر من الناسخ (المنشئ) بلا مثال من الغير (البديع) بلا مثال سابق منه (الرفيع) لرفعة ذاته وصفاته من ذوات الممكنات وصفاتهم (الجليل) لجلال ذاته وقدرته على الإطلاق بحيث يصغر دونه كل جليل (الكريم) لإضافة جوده بلا استحقاق (الرازق) لجريان رزقه على كل بر وفاجر (المحيي) لإفاضة الحياة ابتداء وبعد الموت (المميت) لإزالة الحياة عن كل ذي حياة بلا مماسة ولا آلات (الباعث) لبعث الخلائق بعد الممات وإعادتهم بعد الوفاة (الوارث) لرجوع الأملاك إليه بعد فناء الملاك واسترداد أملاكهم ومواريثهم بعد موتهم كما قال جل شأنه (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار).
(فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستون إسما (1) فهي نسبة لهذه

١ - قوله «حتى يتم ثلاثمائة وستون اسما» ما أشبه تقسيم الأسماء بهذا النحو تقسيم أهل علوم الرياضة الدائرة الفلكية مدار النجوم بالأرباع والبروج والدرجات فقسموا الدائرة على اثني عشر برجا وكل برج على ثلاثين درجة فيصير درجات الفلك ثلاثمائة وستين وكذلك قسم الإمام (عليه السلام) الأسماء وهي مدار عالم الوجود على اثني عشر اسما ثم كل اسم على ثلاثين فصار الحاصل ثلاثمائة وستين اسما، وكما أن أجزاء الفلك غير متناهية واقعا إذ ينقسم المقدار إلى غير النهاية لبطلان الجزء الذي لا يتجزأ ولكن يقسمونه بوجه على ما ذكر كذلك صفات الله تعالى وأسماؤه غير متناهية لا تنحصر في ثلاثمائة وستين قطعا وإنما هو تقسيم بوجه.
وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) ما معناه أنه تكلف بعض الناظرين في الخبر بأبعد من بين السماء والأرض فجعل الاثني عشر كناية عن البروج الفلكية والثلثمائة والستين عن درجاتها.
وأقول: بعد ما سبق أن الاسم هو الفعل من أفعال الله تعال وأن فعله مظهر لاسمه لم يبعد التطبيق بين عدد درجات الفلك وبروجه وعدد الأسماء ولم يجعل أحد هذه الأسماء كناية عن هذه الدرجات بحيث يكون هي المراد بالبيان كما في الكنايات إذ ليس شأن الإمام (عليه السلام) تعليم الهندسة وتقسيم الدائرة ولا يصح إطلاق كل لفظ على كل معنى بأن يقول الكلمة التامة ويريد الدائرة ويطلق الركن ويريد البرج ويطلق الاسم ويريد الدرجة فإن هذه الاطلاقات غير معروفة توجب حيرة المستمع وإضلاله ومثل هذا العمل يناسب أصحاب المعمى واللغز فثبت أن مراد القائل تطبيق الأسماء على مظاهرها لا على سبيل التسجيل كما مر ولا ريب في ثبوت المناسبة كما قال بعد ذكر تقسيم الأسماء الحسنى ولهذه المناسبة انقسمت الأفلاك اه. وهذا الاستغراب بعيد من المجلسي (رحمه الله).
وبيان الأمور بالمناسبة ضمن نقل آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية معهود معروف ألا ترى أنهم ذكروا عند نقل الآية الكريمة «أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا» عدد الأئمة (عليهم السلام) بمناسبة الاشتراك في العدد وعند قوله تعالى منها «أربعة حرم» أن أربعة منهم (عليه السلام) يسمون عليا وليس مرادهم أن لفظ الآية واقع على هذا المعنى. (ش)
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست