الايجاد (1) بنفسها من غير إضافة الوجود عليها بتعلق الجعل على نفس تلك المهية أولا.
ثم خلق الأشياء بتلك المهية بسبب إضافة الوجود عليها وجعلها متعلقة بتلك الأشياء ومربوطة بها فالمشية وخلقها من صفاته الفعلية، أو أن الله تعالى خلق المشية والإيجاد يعني قدرها تقديرا صالحا لنظام الكل بل لنظام كل شيء ثم خلق الأشياء بتلك المشية المقدرة في الأزل على ما يقتضيه التقدير الأزلي، فالمشية من صفاته الفعلية وخلقها يعني تقديرها ووزنها من صفاتها الذاتية الأزلية.
وقال سيد المحققين (رحمه الله): المراد بالمشية هنا إرادة المخلوقين (2) المراد أنه تعالى خلق إرادتهم بنفسها لا بمشية اخرى مباينة لها إذ قد عرفت أن الروية والهمة والشوق المتأكد التي منها يتقوم حقيقة المشية إنما يكون لاولى الاختيار من المخلوقات والخالق سبحانه متقدس عن ذلك «ثم خلق الأشياء» يعني أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشية بتلك المشية وبذلك تنحل تشكك المتشككين أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم واختيارهم سبقا بالذات لكانت الإرادة أيضا مسبوقة بإرادة اخرى وكان تسلسل الإرادات متماديا إلى ما لا نهاية له (3).