صورة ولأنه لو كان صورة لافتقر إلى محل يحل فيه وهو منزه عن الافتقار (جل ثناؤه وتقدست أسماؤه أن يكون له شبه) لاستحالة اتصاف القديم بالحادث أو اتصاف الحادث بالقديم وامتناع تطرق التكثر والتعدد والكيفية في الواحد على الإطلاق.
(هو لا غيره) هذا الكلام يحتمل أمرين بينهما تقارب أحدهما أنه تعالى هو وحده لا يلاحظ معه غير أصلا فلو كان له شبه لكان معه غيره وهو وجه المشابهة بل من يشابهه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهذا تنزيه له على الإطلاق عن جميع ما سواه فافهم، وثانيهما أنه المتصف بالهوية المطلقة بالوحدانية دايما لا غيرها فلو لوحط معه غيره من المعاني والكيفيات لم يكن هو بل انتقل من هوية إلى اخرى وهذا محال، توضيحه أن المتصف بالهوية المطلقة هو الذي لا تكون هويته موقوفة على غيره ومستفادة منه فإن كل ما كان مستفادا من الغير لم تكن له هوية مطلقة إذ ما لم يعتبر ذلك الغير لم يكن هو هو فكل ما كانت هويته مطلقة كان هو هو لذاته وكل ما كان هو هو لذاته كان هو هو دايما من غير تغير وتبدل في هويته ولما كان الواجب هويته مطلقة كانت هويته المطلقة باقية دايما فلو طرد عليه المعاني والكيفيات لزم انتقاله من الهوية المطلقة إلى هوية إضافية لأن هوية المجرد عن الكيفيات غير هوية المقترن بها هذا خلف مع أنه على الله تعالى محال.
(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) هذه الآية أفضل الآيات في معرفة الصانع ولما علم الله تعالى أنه يجيء أقوام متفرقون في الآراء والعقايد يصفه كل قوم بما يفتريه أذهانهم السقيمة وعقولهم العقيمة أنزل هذه الآية حجة عليهم (1) لئلا يكون لهم على الله حجة بعد البيان.
* الأصل:
11 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إن الله لا يوصف كيف يوصف وقد قال في كتابه: «وما قدروا الله حق قدره» فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك.