شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢١٢
عن شيء، وهكذا سائر الصفات الكمالية.
(ليس كمثله شيء) ما يستفاد من هذه الكلمة الشريفة من التنزيه المطلق وجب الركون إليه والتصديق به وهو كمال الإيمان بالله وغاية معرفة الإنسان له، فمن زعم مشابهته بشيء فقد أشرك به بل أنكر وجوده وأثبت إلها آخر بمقتضى هواه النفسانية والوساوس الشيطانية (وهو السميع البصير) يسمع المسموعات بلا أداة، ويبصر المبصرات بلا آلة.
* الأصل:
9 - سهل، عن بشر بن بشار النيسابوري قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام): أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: [هو] جسم، ومنهم من يقول: [هو] صورة، فكتب إلي سبحان من لا يحد ولا يوصف، ولا يشبهه شيء، وليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.
* الشرح:
(سهل، عن بشر بن بشار النيسابوري قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام)) هو أبو الحسن (عليه السلام) كما صرح به الصدوق في كتاب التوحيد (ان من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد منهم من يقول جسم ومنهم يقول صورة) هؤلاء لعدم تجاوز عقولهم عن عالم المحسوس مع متابعة أوهامهم زعموا أن ربهم جسم متحيز بحيز متصف بالجسمية ولو احقها ذو مقدار وصورة.
(فكتب إلي: سبحان من لا يحد) بالجسمية والصورة لأن التحديد بهما مستلزم للتجزية والتكثر والمقدار المنافية للوجوب الذاتي وعدم الافتقار (ولا يوصف) لأن الصفة مغايره للموصوف لقيام الموصف بالذات وقيام الصفة بالغير فلو وصف كان الواجب إما نفس المجموع أو نفس الموصوف فعلى الأول يلزم افتقاره إلى الجزء وعلى الثاني يلزم افتقاره إلى الغير وكل ذلك محال.
(ولا يشبهه شيء) لاستحالة اتصافه بصفة الإمكان وتوابعه (وليس كمثله شيء وهو السميع البصير) في اقتباس هذه الآية مع ما فيها من الإفصاح عن المقصود والإرشاد إلى المطلوب من نفي المماثلة والمشابهة على الإطلاق إيماء إلى أنه تعال عالم بما يقولون وبصير بما يفترون، فيجزيهم بما فرطوا في جنب الله حيث لا ينفع مال ولا بنون وذلك حين تزول عنهم غواشي الأوهام وتطرح نفوسهم بالموت جلابيب الأبدان.
* الأصل:
10 - سهل، قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين: قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد، منهم من يقول: هو جسم ومنهم من يقول: هو صورة، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطولا على عبدك، فوقع بخطه (عليه السلام): سألت عن
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست