شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢١٠
وهو أمر الرسالة والإمامة وأخطأوا في بعضها، وهو أمر التوحيد، وإنما منشأ خطائهم هو عدم معرفتهم بشيء من الحقايق كما في أكثر العوام أو التشبث بظواهر بعض الآيات أو بتقرير بعض من لم يعرفوه من العامة وعدم رجوعهم إلى إمامهم وقد وقعت البراءة من أضرابهم في بعض الروايات.
(فكتب بخطه سبحان من لا يحد) إذ ليس له جزء ولا نهاية فليس له حد عرفي ولا حد لغوي (ولا يوصف) إذ ليس له صفة حتى يوصف بها وكل ما اعتبرته العقول من صفات كماله فهو ليس من صفاته وكل ما هو من صفات كماله فهو عين ذاته ولما نزهه عن الحد والوصف بحيث يفهم منه فساد مذهب هؤلاء أشار إلى أن الواجب عليهم اتباع القرآن بقوله (ليس كمثله شيء) فان من نظر إليه علم أن كل قول يقتضي مماثلته بشيء من الأشياء كاذب وكل عقد يوجب مشابهة بنحو من الأنحاء باطل، ثم أشار إلى أنه ليس بغافل عما يقولون ولا بجاهل عما يعتقدون فيجزيهم بما كانوا يعملون بقوله (وهو السميع العليم) يسمع ما يقولون بأفواههم وما يفترون، ويعلم ما يسرون وما يعلنون.
(أو قال: البصير) بدل العليم والبصير العالم بالخفيات وقيل: العالم بالمبصرات، وهو على التقديرين نوع من العلم المطلق.
* الأصل:
6 - سهل، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم، عن محمد بن حكيم، قال: كتب أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) إلى أبي: أن الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته، فصفوه بما وصف به نفسه وكفوا عما سوى ذلك.
* الشرح:
(سهل، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم، عن محمد بن حكيم قال: كتب أبو الحسن: موسى ابن جعفر (عليهما السلام) إلى أبي أن الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته) أي نهايته إذ ليس لما يعتبره العقول من كماله سبحانه نهاية يقف عندها أو حقيقتها إذ ليس لصفته حقيقة ملتئمة من أجزاء خارجية أو ذهنية فصفوه بما وصف به نفسه (1) وهو أنه خالق كل شيء وله الخلق والأمر ولا شريك

١ - قوله «فصفوه بما وصف به نفسه» المعروف بين العلماء أن أسماء الله تعالى توقيفية وهذا الحديث يبين معناه ومفاده وعلته وذلك لأن كل اسم يدل على صفة ولا يعلم أحد ثبوت تلك الصفة لذات الواجب تعالى لعدم إحاطته بحقيقته نعم يثبت بالعقل له صفات كالعلم والقدرة والحياة والعدل وعدم فعل القبيح وغير ذلك ولكن جميع ذلك مما دل عليه الكتاب أيضا فيصدق أن ما ليس في القرآن الشريف من أسمائه وصفاته يمنع عنه لعدم طريق للبشر للعلم به وقد يتوهم أن بعض الألفاظ مما نعلم ثبوت معناه لذات الواجب تعالى ومع ذلك لا يجوز إطلاقه عليه كالزارع والماكر والمستهزئ والسخي والمستطيع والعارف مع أنه تعالى وصف نفسه في القرآن بتلك الصفات نحو «أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون» «والله يستهزئ بهم» و «هل يستطيع ربك أن ينزل علينا» قلنا أمثال تلك أيضا مما يتضمن معنى عند الاطلاق لا يناسب قدس ذاته وإنما أطلق عليه في بعض العبارات بتجريد عنه بالقرائن ولا يتجرد عند الإطلاق، وأما ما علم ثبوت معناه فيه تعالى ولا يتضمن معنى غير مناسب فلا دليل على المنع ونحن نرى أن العلماء لا يتوقفون في إطلاق أسمائه تعالى عليه على ثبوته بنص ثبتت حجيته فهذا دعاء الجوشن يشتمل على أسماء كثيرة لم يرو باسناد صحيح ودعاء الجوشن أيضا غير ثابت بإسناد صحيح وليس توقيفية الأسماء من الأحكام المكروهة أو المستحبة حتى يتمسك فيها بالتسامح في أدلة السنن. (ش)
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست