شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٤٤
مطلق له عن المشابهة بالخلق من الأنحاء كما قال أيضا: «وليس كمثله شيء» العجب العجيب من بعض أهل هذه الملة (1) كيف رضيت نفوسهم واستقرت عقولهم على أن شبهوه بخلقه في الجسمية والصورة والكيفية وغيرها خلافا لما وصف الله تعالى به نفسه وما ذاك إلا لمتابعة أوهامهم وأحكامهم وعدم رجوعهم في وصف الباري إلى العالم المعلم الرباني تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
* الأصل:
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد قال: قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن التوحيد فقال: إن الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى قل هو الله أحد، والآيات من سورة الحديد إلى قوله: «وهو عليم بذات الصدور» فمن رام رواء ذلك فقد هلك.
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن السويد، عن عاصم بن حميد) بضم الحاء مصغرا (قال: قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن التوحيد) بم يحصل (فقال: إن الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون) في ذات الله وصفاته (2) أو في مصارف العقول كلها.

١ - قوله «العجب من بعض أهل هذه الملة» سيجيء الروايات في تخطئتهم في الأبواب الآتية إن شاء الله تعالى ورأينا في عصرنا ما هو أعجب مما رأى الشارح في عصره خصوصا من المصلحين والمجددين منهم فقد صرحوا بنفي التجسيم وإثبات الجهة والمكان والرؤية وهو تناقض صريح قال القاسمي في تفسيره المسمى بمحاسن التأويل (المجلد السابع ٢٧٢٠) من الحجة أيضا في أنه عز وجل على العرش فوق السماوات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذ أكربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء ونصبوا أيديهم رافعين مشيرين بها إلى السماء يستغيثون الله ربهم تبارك وتعالى وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته انتهى.
وقال أيضا: فإن احتجوا بقوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) وبقوله تعالى (وهو الله في السماوات والأرض) وبقوله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم الآية) وزعموا أنه سبحانه في كل مكان بنفسه وذاته، فأجاب عنه بالتأويل بإحاطة علمه ولا أدري كيف حرم تأويل قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) وأجاز تأويل تلك الآيات وأيضا كيف أثبت جميع صفات الأجسام وحرم التلفظ بكلمة الجسم فقط. (ش) ٢ - قوله «متعمقون في ذات الله وصفاته» قال الحكيم المتأله صدر الدين الشيرازي (قدس سره) في شرح هذا الحديث:
ثم من النوادر الغريبة أن هذا العبد المسكين كان في سالف الزمان متأملا متدبرا على عادتي عند تلاوة القرآن في معاني آياته ورموزها وإشاراتها وكان المنفتح على قلبي من آيات هذه السورة وإشاراتها أكثر من غيرها فحداني ذلك مع ما سبق من الخواطر الغيبية والدواعي العلمية والإعلامات السرية إلى أن أشرع في تفسير القرآن المجيد والتنزيل الحميد فشرعت وكان أول ما أخذت في تفسيره من السور القرآنية هذه السورة لفرط شغفي وقوة شوقي باظهار ما ألهمني ربي من عنده وإبراز ما علمني الله من لدنه من لطائف الأسرار وشرائف الأخبار وعجائب العلوم الإلهية وغرائب النكت القرآنية والرموز الفرقانية والإشارات الربانية ثم بعد أن وقع إتمام تفسيرها مع تفسير عدة أخرى من السور والآيات كآية الكرسي وآية النور واتفقت عقيب سنتين أو أكثر مصادفتي بهذا الحديث والنظر فيه بعين الاعتبار فاهتز خاطري غاية الاهتزاز وانبسط نشاطي آخر الانبساط في النشاط لما رأيت من علامة الاهتداء بما هو أصل الهدى والسلوك في المحجة البيضاء من طريق التوحيد فشكرت الله على ما أنعم وحمدته على الفضل والكرم انتهى كلامه (قدس سره) بألفاظه ولا يخفى أن التعمق قد يكون مذموما وقد يكون ممدوحا وأما المذموم فالتعمق فيما لا يصل إليه العقول من الكلام في الذات وتشبيهه تعالى بالأجسام وأما الممدوح فالتفكر في علته وقدرته وحكمته وما يصل إليه العقول من صفاته، وأما السؤال عن التوحيد فهو بقرينة ما سيأتي إن شاء الله في باب النهي عن الصفة بغير ما وصف الله به نفسه في الحديث العاشر هو السؤال عن اختلاف الناس في كونه تعالى جسما أو صورة فأجاب الإمام (عليه السلام) بمضمون سورة التوحيد وآيات سورة الحديد هي هذه (ش)
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست