شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٤٣
بالعقال سمي به لأنه يمنع صاحبه عن ارتكاب ما لا ينبغي مثل العقال وإطلاق الحكمة عليهما إن كانت عبارة عما يمنع من الجهل كما صرح به في المغرب أو ما يمنع من قبيح ويؤدي إلى مكرمة كما صرح به أبن دريد ظاهر لأنهما يمنعان صاحبهما عن الجهل والقبيح وإطلاقها على الفهم إن كانت عبارة عن العلم مطلقا كما صرح به بعض أرباب اللغة أو عن العلم بالدين كما صرح به بعض العلماء أو عن معرفة حقائق الأشياء وأحوالها والتخلق بالأخلاق الحسنة على قدر الطاقة البشرية كما هو المعروف أيضا ظاهر وعلى العقل يعني العقل بالفعل من قبيل إطلاق الحال على المحل أو إطلاق الأثر على المبدء والمؤثر أو على اعتبار اتحاد بين العقل والمعقول (1) وقال القاضي: هو ابن أخت أيوب أو خالته وعاش حتى أدرك داود وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه، وقال بعض الأفاضل ناقلا عن كتاب عين المعاني: إنه تولد في عشر سنين من سلطنة داود (عليه السلام) وعاش إلى أن أدرك يوسف (عليه السلام) وقيل:
إنه عاش ألف سنة، واختلف في نبوته فأكثر العلماء على أنه لم يكن نبيا، وقيل: كان حبشيا أسود اللون غليظ الشفتين وقيل: ذكر السجاوندي نقلا عن أهل السير أنه كان في بيته وقت القيلولة إذ دخل جمع من الملائكة وسلموا عليه فأجابهم ولا يرى أشخاصهم، فقالوا: يا لقمان نحن ملائكة الله نزلنا إليك لنجعلك خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق قال إن كان هذا أمرا حتميا فالسمع والطاعة وأرجو منه أن بوفقني ويسددني وإن جعلني مخيرا فإني أريد العافية لا التعرض للفتنة فاستحسنه الملائكة وأحبه الله وزاده في الحكمة والمعرفة (2) ومن حكمته أنه صحب داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال: نعم لبوس الحرب أنت، وقال: الصمت

١ - يعني اطلاق الحكمة على العقل لا يخلو عن تجوز بوجه، لأن الحكمة هي المعقولات واما العقل فهو آلة درك الحكمة لا نفس الحكمة إلا أن يقال باتحاد العاقل والمعقول فيصح حقيقة فإن المعقولات نفس العقل حينئذ والاتحاد مذهب صدر المتألهين قدس سره والشارح يرتضى آرائه غالبا ويختارها في هذا الشرح ويعرض عما يحتاج اثباته إلى دفع المناقشات وتزييف الاعتراضات. (ش) ٢ - هذا صريح في ان الحكمة التي أوتيها لقمان لم يكن من النبوة ولا علوم الشريعة المبنية على التعبد بالمنقول فإنها لا تختص برجل دون رجل بل كل أحد يستاهل أن يؤتيه الله علم الشريعة المنقولة بالسماع والحفظ وفي سورة لقمان حجة قاطعة على من ينفر عن النظر والحجة والأدلة العقلية وعلم الكلام والحكمة وأمثالهما وربما يتعسف متعسف ويأول الحكمة الممدوحة في القرآن بعلم الشريعة نقلا وقد ذكرنا في حواشي منهج الصادقين أن مجلة لقمان الحاوية لبعض حكمه كانت معروفة عند العرب وكانت عند سويد بن صامت نسخة منها أراها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: عندي أحسن منه وقرأ عليه أشياء من القرآن.
وقلنا هناك أيضا ان لقمان في رواية كان مصريا ونقل الطنطاوي أسامي جماعة من حكماء مصر القدماء كشفوا أسماءهم وصحفهم في هذه العصور واحدهم اسمه قاقمه والله أعلم «ش».
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست