(روض الجنان) (1) سأل الرضي، أخاه المرتضى، فقال: إن الإجماع واقع على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية فأجاب المرتضى: بجواز تغيير الحكم الشرعي بسبب الجهل.
فهذه المناظرة تدل بأن له قوة في الاستدلال وملكة راسخة في الاستنتاج.
دار العلم اتخذ الشريف الرضي لتلامذته مدرسة سماها " دار العلم " وأرصد لها مخزنا فيه ما يحتاجه الطلاب، وذكر شاهدا له أن الوزير المهلبي لما بلغه ولادة ولد للشريف أرسل إليه ألف دينار فردها، فبعث إليه الوزير أن هذا للقابلة فارجعها ثانيا يعلمه: أنا أهل بيت لم تكن قوابلنا غريبة، وإنما هي من عجائزنا ولا يأخذن أجرة ولا يقبلن صلة، فأعلمه الوزير برغبته في تفريقه على ملازميه من طلاب العلم، فقال الشريف: لمن رجع المال أنهم حضور يسمعون كلامك، فقام أحدهم وأخذ دينارا وقطع منه قطعة ورد الباقي، وأخبر الشريف بأنه احتاج ليلة إلى دهن السراج ولم يكن الخازن حاضرا وقد اقترض هذا المقدار فأمر السيد أعلى الله مقامه، أن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد التلاميذ ولا ينتظر الخازن (2).
وفي هذه الدار كان الشريف يلقي على التلاميذ إفاداته ودروسه يوميا متتابعة لا يشغله عن ذلك وظائف الدولة من النقابة وغيرها، ولم يتعلل بزيارة زائر أو مدح خليفة أو قصيدة في حميم فإن هذا كله نقض لهمم الطلاب وفت في عزيمتهم.