وفي " سبل السلام ": قال جماعة من الأئمة: يجوز للعجوز السفر من غير محرم.
وقد استدل المجيزون لسفر المرأة من غير محرم ولا زوج - إذا وجدت رفقة مأمونة، أو كان الطريق آمنا - بما رواه البخاري عن عدي بن حاتم قال: " بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: " يا عدي هل رأيت الحيرة (1) " قال: قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: " فإن طالت بك حياة لترين الظعينة (2) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله ".
واستدلوا أيضا بأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم حججن بعد أن أذن لهن عمر في آخر حجة حجها، وبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن ابن عوف.
وكان عثمان ينادي: ألا لا يدنو أحد منهن، ولا ينظر إليهن، وهن في الهوادج على الإبل.
وإذا خالفت المرأة وحجت، دون أن يكون معها زوج أو محرم، صح حجها.
وفي سبل السلام قال ابن تيمية: إنه يصح الحج من المرأة بغير محرم، ومن غير المستطيع.
وحاصله: أن من لم يجب عليه الحج لعدم الاستطاعة، مثل المريض، والفقير، والمعضوب، والمقطوع طريقه، والمرأة بغير محرم، وغير ذلك، إذا تكلفوا شهود المشاهد، أجزأهم الحج.
ثم منهم من هو محسن في ذلك، كالذي يحج ماشيا، ومنهم من هو مسئ في ذلك، كالذي يحج بالمسألة، والمرأة تحج بغير محرم.
وإنما أجزأهم، لان الأهلية تامة، والمعصية إن وقعت، في الطريق، لا في نفس المقصود.