ويرى أبو حنيفة: أنه إذا تلف المال كله، بدون تعد من صاحبه، سقطت الزكاة، وإن هلك بعضه، سقطت حصيته، بناء على تعلق الزكاة بعين المال، أما إذا هلك بسبب تعد منه، فإن الزكاة لا تسقط.
وقال الشافعي والحسن بن صالح، وإسحق، وأبو ثور، وابن المنذر:
إن تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة، وإن تلف بعده لم تسقط.
ورجح ابن قدامة هذا الرأي فقال: والصحيح - إن شاء الله - أن الزكاة تسقط بتلف المال، إذا لم يفرط في الأداء، لأنها تجب على سبيل المواساة، فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال، وفقر من تجب عليه ومعنى التفريط، أن يتمكن من إخراجها فلا يخرجها، وإن لم يتمكن من إخراجها، فليس بمفرط، سواء كان ذلك لعدم المستحق، أو لبعد المال عنه، أو لكون الفرض لا يوجد في المال، ويحتاج إلى شرائه فلم يجد ما يشتريه أو كان في طلب الشراء، أو نحو ذلك.
وإن قلنا بوجوبها بعد تلف المال فأمكن المالك أداؤها أداها، وإلا أنظر بها إلى ميسرته، وتمكنه من أدائها، من غير مضرة عليه، لأنه لزم إنظاره بدين الادمي، فبالزكاة التي هي حق الله تعالى، أولى.
ضياع الزكاة بعد عزلها لو عزل الزكاة ليدفعها إلى مستحقيها، فضاعت كلها، أو بعضها، فعليه إعادتها، لأنها في ذمته حتى يوصلها إلى من أمره الله بإيصالها إليه.
قال ابن حزم: وروينا من طريق ابن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، وجرير، والمعتمر بن سليمان التيمي، وزيد بن الحباب، وعبد الوهاب بن عطاء. قال حفص: عن هشام بن حسان، عن الحسن البصري. وقال جرير:
عن المغيرة عن أصحابه. وقال المعتمر: عن معمر عن حماد، وقال زيد:
عن شعبة عن الحكم. وقال عبد الوهاب: عن ابن أبي عروبة، عن حماد عن إبراهيم النخعي.