مقدار النصاب فسكت عنه في هذا الحديث، وبينه نصا في الحديث الاخر، فكيف يجوز العدول عن النص الصحيح الصريح المحكم الذي لا يحتمل غير ما أول عليه البتة، إلى المجمل المتشابه، الذي غايته أن يتعلق فيه بعموم لم يقصدوا بيانه بالخاص المحكم المبين كبيان سائر العمومات بما يخصصها من النصوصين؟ اه وقال ابن قدامة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) متفق عليه: هذا خاص يجب تقديمه وتخصيص عموم ما رووه به كما خصصنا قوله: (في كل سائمة من الإبل الزكاة) بقوله: (ليس فيما دون خمس ذود صدقة) وقوله: (في الرقة ربع العشر) بقوله: (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) ولأنه مال تجب فيه الصدقة، فلم تجب في يسيره، كسائر الأموال الزكوية.
وإنما لم يعتبر الحول، لأنه يكمل نماؤه باستحصاده، لا ببقائه. واعتبر الحول في غيره، لأنه مظنة لكمال النماء في سائر الأموال. والنصاب اعتبر ليبلغ حدا يحتمل المواساة منه، فلهذا اعتبر فيه.
يحققه: أن الصدقة إنما تجب على الأغنياء ولا يحصل الغني بدون النصاب، كسائر الأموال الزكوية.
هذا، والصاع قدح وثلث. فيكون النصاب خمسين كيلة فإن كان الخارج لا يكال، فقد قال ابن قدامة: (ونصاب الزعفران والقطن، وما ألحق بهما من الموزونات، ألف وستمائة رطل بالعراقي، فيقوم وزنه مقامه. (1) قال أبو يوسف: إن كان الخارج مما لا يكال، لا تجب فيه الزكاة إلا إن بلغ قيمة نصاب من أدنى ما يكال.
فلا تجب الزكاة في القطن إلا إذا بلغت قيمته خمسة أوسق، من أقل ما يكال، كالشعير ونحوه. لأنه لا يمكن اعتباره بنفسه، فاعتبر بغيره، كالعروض يقوم بأدنى النصابين من الأثمان.