تزوجت عنينا ثم طلبت الفسخ. ولنا أنه اشتراها عالما بالتدليس فلم يكن له خيار كما لو اشترى من سود شعرها عالما بذلك ولأنه دخل على بصيرة فلم يثبت له الرد كما لو اشترى معيبا يعلم عيبه وبقاء اللبن على حاله نادر بعيد لا يعلق عليه حكم، والأصل الذي قاسوا عليه ممنوع (فصل) وكذلك كل تدليس يختلف الثمن لأجله مثل أن يسود شعر الجارية أو يجعده أو يحمر وجهها أو يضمر الماء على الرحى ويرسله عند عرضها على المشتري يثبت الخيار أيضا لأنه تدليس يختلف الثمن باختلافه فأثبت الخيار كالتصرية، وبهذا قال الشافعي، ووافق أبو حنيفة في تسويد الشعر وقال في تجعيده لا يثبت به خيار لأنه تدليس بما ليس بعيب أشبه ما لو سود أنامل العبد ليظنه كاتبا أو حدادا وما ذكروه ينتقض بتسويد الشعر، وأما تسويد أنامل العبد فليس بمنحصر في كونه كاتبا لأنه يحتمل أن يكون قد ولع بالدواة أو كان غلاما لكاتب يصلح له الدواة فظنه كاتبا طمعا لا يستحق به فسخا، فإن حصل هذا من غير تدليس مثل أن اجتمع اللبن في الضرع من غير قصد، أو احمر وجه الجارية لخجل أو تعب أو يسود شعرها بشئ وقع عليه، فقال القاضي له الرد أيضا لدفع الضرر اللاحق بالمشتري والضرر واجب الدفع سواء قصد أو لم يقصد أشبه العيب، ويحتمل أن لا يثبت الخيار بحمرة الوجه بخجل أو تعب لأنه يحتمل ذلك فتعين ظنه من خلقته الأصلية لطمع فأشبه سواد أنامل العبد (فصل) وان دلسه بما لا يختلف به الثمن كتبييض الشعر وتبسيطه فلا خيار للمشتري لأنه لا ضرر في ذلك، وان علف الشاة فظنها المشتري حاملا أو سود أنامل العبد أو ثوبه ليظنه كاتبا أو حدادا أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة فظنها كثيرة اللبن فلا خيار له لأن ذلك لا ينحصر فيما ظنه المشتري لأن سواد الأنامل قد يكون لولع أو خدمة كاتب أو حداد أو شروع في الكتابة وانتفاخ البطن يكون للاكل فظنه المشتري غير ذلك طمعا لا يثبت به الخيار (فصل) فإن أراد امساك المدلس مع الأرش لم يكن له ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل له في المصراة أرشا بل خيره بين الامساك والرد مع صاع من تمر ولان المدلس ليس بمعيب فلم يستحق له أرشا، فإن تعذر عليه الرد بتلف فعليه الثمن لأنه تعذر عليه الرد ولا أرش له أشبه غير المدلس، فإن تعيب عنده قبل العلم بالتدليس فله رده ورد أرش العيب عنده وأخذ الثمن وان شاء أمسك ولا شئ له، وان تصرف في المبيع بعد علمه بالتدليس بطل رده كما لو تصرف في المبيع، المعيب وان أخر الرد من غير تصرف فحكمه حكم تأخير رد المعيب على ما نذكره إن شاء الله {مسألة} (ويرد مع المصراة عوض اللبن صاعا من تمر فإن لم يجد التمر فقيمته في موضعه سواء كانت ناقة أو بقرة أو شاة) إذا رد المصراة لزمه بدل اللبن في قول كل من جوز ردها وهو مقدر بصاع من تمر كما جاء في
(٨١)