وبهذا قال إسحاق والشافعي في القديم. وقال في الجديد له أن يرجع في قدر ما بقي من الثمن لأنه سبب ترجع به العين كلها إلى العاقد فجاز أن يرجع في بعضها كالفرقة قبل الدخول في النكاح، وقال مالك هو مخير ان شاء رد ما قبضه ورجع في جميع العين وان شاء حاص الغرماء ولم يرجع ولنا ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله ولم يكن اقتضى من ماله شيئا فهو له " رواه الإمام أحمد ورواه أبو بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس ولم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له وإن كان قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء " رواه أبو داود وابن ماجة ولان في الرجوع في قسط ما بقي تبعيضا للصفقة على المشتري واضرارا به وليس ذلك للبائع، فإن قيل لا ضرر عليه في ذلك لأن ماله يباع ولا يبقى له فيزول عنه الضرر قلنا لا يندفع الضرر بالبيع فإن قيمة الشقص تنقص ولا يرغب فيها مشقصا فيتضرر المفلس والغرماء بنقص القيمة ولأنه سبب يفسد به البيع فلم يجز تشقيصه كالرد بالعيب والخيار وقياس البيع على البيع أولى من قياسه على النكاح، ولا فرق بين كون المبيع عينا واحدة أو عينين لما ذكرنا من الحديث والمعنى، فإن قيل حديثكم يرويه أبو بكر بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ولا حجة في المراسيل قلنا قد رواه مالك وموسى بن عقبة عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة كذلك ذكره ابن عبد البر وأخرجه أبو داود وابن ماجة والدار قطني في سننهم متصلا فلا يضر إرسال من أرسله على أن حديثنا الأول يكفي في الدلالة وهو متصل رواه الإمام أحمد.
(فصل) الشرط الثالث أن تكون السلعة باقية بعينها لم يتلف بعضها فإن تلف جزء منها كبعض أطراف العبد أو ذهبت عينه أو تلف بعض الثوب أو انهدم بعض الدار أو اشترى شجرا مثمرا لم تظهر ثمرته فتلفت