بالاجماع لأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى الوثيقة به فجاز أخذها به كالضمان ولان الله تعالى قال (وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة) جعله بدلا عن الكتابة فيكون في محلها ومحلها بعد وجوب الحق، ولان في الآية ما يدل على ذلك وهو قوله تعالى (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) فجعله مذكورا بعدها بفاء التعقيب (الحال الثالث) أن يرهنه قبل الحق فيقول رهنتك عبدي هذا بعشرة تقرضنيها فلا يصح في ظاهر المذهب واختاره أبو بكر والقاضي وذكر القاضي أن أحمد نص عليه في رواية ابن منصور وهو مذهب الشافعي، واختار أبو الخطاب أنه يصح، فإذا قال رهنتك ثوبي هذا بعشرة تقرضنيها غدا وسلمه إليه ثم اقرضه الدراهم لزمه الرهن وهو مذهب أبي حنيفة ومالك لأنه وثيقة بالحق فجاز عقدها قبل وجوبه كالضمان أو فجاز انعقادها على شئ يحدث في المستقبل كضمان الدرك. ولنا أنه وثيقة بحق لا يلزم قبله فلم يصح قبله كالشهادة ولان الرهن بالحق تابع للحق فلا يسبقه كالشهادة وأما الضمان فيحتمل أن يمنع صحته، وان سلمناه فالفرق بينهما أن الضمان التزام مال تبرعا بالقول فجاز من غير حق ثابت كالنذر {مسألة} (ويصح في كل عين يجوز بيعها) لأن مقصود الرهن الاستيثاق بالدين ليتوصل إلى استيفائه من ثمن الرهن ان تعذر استيفاؤه من ذمة الراهن وهذا يتحقق في كل ما يجوز بيعه ولان كل ما كان محلا للبيع كان محلا لحكمة الرهن ومحل الشئ محل حكمته الا أن يمنع من ثبوته مانع أو يفوت بشرط فيبقى الحكم به
(٣٦٨)