الله تعالى لم يوجد مقتض للضمان سوى حكم العقد بخلاف ما إذا أتلفه، فإن اتلافه يقتضي الضمان بالمثل وحكم العقد يقتضي الضمان بالثمن فكانت الخيرة إلى المشتري في التضمين بأيهما شاء (فصل) وان تعيب في يد البائع أو تلف بعضه بأمر سماوي فالمشتري مخير بين أخذه ناقصا ولا شئ له وبين فسخ العقد والرجوع بالثمن لأنه ان رضيه معيبا فكأنه اشترى معيبا عالما بعيبه لا يستحق شيئا من اجل العيب، وان فسخ العقد لم يكن له أكثر من الثمن لأنه لو تلف المبيع كله لم يكن له أكثر من الثمن أو تلف بعضه لم يكن له الفسخ لذلك لأنه أتلف ملكه فلم يرجع على غيره وإن كان بفعل البائع فقياس قول أصحابنا أن المشتري مخير بين الفسخ والرجوع بالثمن وبين أخذه والرجوع على البائع بعوض ما أتلف أو عيب، وقياس قول الشافعي أنه بمنزلة ما لو تلف بفعل الله تعالى وإن كان بفعل أجنبي فله الفسخ والمطالبة بالثمن وأخذ المبيع ومطالبة الأجنبي بعوض ما أتلف (فصل) ولو باع شاة بشعير فأكلته قبل قبضه فإن كانت في يد المشتري فهو كما لو أتلفه، وان كانت في يد البائع فهو كاتلافه وكذلك ان كانت في يد أجنبي فهو كاتلافه، وان لم يكن في يد أحد انفسخ البيع لأن المبيع هلك قبل قبضه بأمر لا ينسب إلى آدمي فهو كتلفه بفعل الله تعالى (فصل) ولو اشترى شاة أو عبدا أو شقصا بطعام فقبض الشاة أو العبد وباعهما أو أخذ الشقص بالشفعة ثم تلف الطعام قبل قبضه انفسخ الأول دون الثاني ولا يبطل الاخذ بالشفعة لأنه كمل قبل فسخ العقد ويرجع مشتري الطعام على مشتري الشاة أو العبد أو الشقص بقيمة ذلك لتعذر رده، وعلى الشفيع مثل الطعام لأنه عوض الشقص {مسألة} (وعنه في الصبرة المتعينة أنه يجوز بيعها قبل قبضها وان تلفت فهي من ضمان المشتري) نقلها عنه أبو الحارث والجوزجاني واختاره القاضي وأصحابه ونحوه قول مالك لقول ابن عمر مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حيا مجموعا فهو من مال المتاع وقد ذكرنا ذلك {مسألة} (وما عدا المكيل والموزون يجوز التصرف فيه قبل قبضه وان تلف فهو من مال المشتري) وحكى أبو الخطاب رواية أخرى أنه كالمكيل والموزون في ذلك كله ما عدا المكيل والموزون والمعدود والمطعوم على ما ذكرنا فيه من الخلاف يجوز التصرف فيه قبل قبضه في أظهر الروايتين ويروى مثل هذا عن عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق، وعن أحمد رواية أخرى لا يجوز بيع شئ قبل القبض اختارها ابن عقيل، وروي ذلك عن ابن عباس وهو قول أبي حنيفة والشافعي الا ان أبا حنيفة اختار بيع العقار قبل قبضه وإذا قلنا بجواز التصرف فيه فتلف فهو من ضمان المشترى، وقال أبو حنيفة كل مبيع قبل قبضه من ضمان البائع الا العقار، وقال الشافعي
(١١٧)