{مسألة} (وان وطئ البكر أو تعيبت عنده فله الأرش، وعنه انه مخير بين الأرش وبين الرد وأرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن) إذا وطئ المشتري البكر قبل علمه بالعيب ففيه روايتان (إحداهما) لا يردها ويأخذ أرش العيب وبه قال مالك وابن سيرين والزهري والثوري والشافعي وأبو حنيفة وإسحاق قال ابن أبي موسى وهو الصحيح عن أحمد (والرواية الأخرى) يردها ومعها شئ اختارها الخرقي وبه قال شريح وسعيد بن المسيب والشعبي والنخعي ومالك وابن أبي ليلى وأبو ثور، والواجب رد ما نقص قيمتها بالوطئ فإذا كانت قيمتها بكرا مائة وثيبا ثمانين رد معها عشرين لأنه بفسخ العقد يصير مضمونا عليه بقيمته بخلاف أرش العيب الذي يأخذه المشتري، وهذا قول مالك وأبي ثور، وقال شريح والنخعي يرد عشر ثمنها وقال سعيد بن المسيب يرد عشرة دنانير وما قلناه إن شاء الله أولى، واحتج من منع ردها بان الوطئ نقص عينها وقيمتها فمنع الرد كما لو اشترى عبدا فخصاه فنقصت قيمته، ووجه الرواية الأخرى انه عيب حدث عند أحد المتبايعين لا للاستعلام فيثبت معه الخيار كالعيب الحادث عند البائع قبل القبض (فصل) وكذلك كل مبيع كان معيبا ثم حدث به عيب عند المشتري قبل علمه بالأول ففيه روايتان (إحداهما) ليس له الرد وله أرش العيب القديم، وبه قال الثوري وابن شبرمة والشافعي وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن ابن سيرين والزهري والشعبي لأن الرد يثبت لإزالة الضرر، وفي الرد على البائع اضرار به ولا يزال الضرر بالضرر (والثانية) له الرد ويرد أرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن وان شاء أمسكه وله الأرش، وبه قال مالك وإسحاق وقال الحكم يرده ولم يذكر معه شيئا، ولنا حديث المصراة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بردها بعد حلبها ورد عوض لبنها ولأنه روي عن عثمان أنه قضى في الثوب إذا كان به عوار يرده وإن كان قد لبسه، ولأنه عيب حدث عند المشتري فكان له الخيار بين رد المبيع وأرشه وبين أرش العيب القديم كما لو حدث لاستعلام المبيع ولان العيبين قد استويا والبائع قد دلس والمشتري لم يدلس فكان رعاية جانبه أولى، ولان الرد كان جائزا قبل حدوث العيب الثاني فلا يزول إلا بدليل وليس في المسألة اجماع ولا نص، والقياس إنما يكون على أصل وليس لما ذكروه أصل فيبقى الجواز بحاله. إذا ثبت هذا فإنه يرد أرش العيب الحادث عنده لأن المبيع بجملته مضمون عليه بقيمته فكذلك أجزاؤه. فإن زال العيب الحادث عنده رده ولا شئ معه على كلتا الروايتين وبه قال الشافعي لأنه زال المانع مع قيام السبب المقتضي للرد فثبت حكمه، ولو اشترى أمة فحملت عنده ثم أصاب بها عيبا فالحمل عيب للآدميات دون غيرهن لأنه يمنع الوطئ ويخاف منه التلف فإن ولدت فالولد للمشتري، وان نقصتها الولادة فذلك عيب، وان لم تنقصها الولادة ومات الولد ردها لزوال
(٨٩)