ولنا ان الظاهر قول الغريم فكان القول قوله كسائر الدعاوى فإن شهدت البينة بتلف ماله قبلت شهادتهم سواء كانت من أهل الخبرة الباطنة أولم تكن لأن التلف يطلع عليه أهل الخبرة وغيرهم، وان طلب الغريم احلافه على ذلك لم يجب إليه لأنه تكذيب للبينة، وان شهدت مع ذلك بالاعسار اكتفى بشهادتهما وثبتت عسرته وان لم تشهد الا بالتلف وطلب الغريم يمينه على عسرته وأنه ليس له مال آخر استحلف على ذلك لأنه غير ما شهدت به البينة وان لم تشهد بالتلف وإنما شهدت بالاعسار لم تقبل الشهادة الا من ذي خبرة باطنة لأن هذا في الأمور الباطنة لا يطلع عليه في الغالب الا أهل الخبرة والمخالطة وهذا مذهب الشافعي. وحكي عن مالك أنه قال لا تسمع البينة على الاعسار لأنها شهادة على النفي فلم تسمع كما لو شهدت أنه لادين عليه ولنا ما روى قبيصة بن المخارق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ويا قبيصة ان المسألة لا تحل الا لاحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من أهل الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال - سدادا من عيش " رواه مسلم وأبو داود، وقولهم ان الشهادة على النفي لا تقبل قلنا لا ترد مطلقا فإنه لو شهدت بينة أن هذا وارث هذا الميت لا وارث له سواه قبلت، ولأن هذه وان كانت تتضمن النفي فهي تثبت حالة تظهر ويوقف عليها بالمشاهدة بخلاف ما إذا شهدت أنه لا حق له فإن هذا مما لا يوقف عليه ولا يشهد به حال يتوصل بها إلى معرفته بخلاف مسئلتنا وتسمع البينة في الحال، وبهذا قال الشافعي
(٤٦٠)