الفقهاء من دينه أكثر من ماله، وسموه مفلسا وإن كان ذا مال لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم وقد دل عليه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم مفلس الآخرة فإنه أخبر أن له حسنات أمثال الجبال لكنها لا تفي بما عليه فقسمت بين الغرماء وبقي لا شئ له ويجوز أن يكون سمي بذلك لما يؤول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه ويجوز أن يكون سمي بذلك لأنه يمنع من التصرف في ماله إلا الشئ التافه الذي لا يعيش إلا به كالفلوس {مسألة} ومن لزمه دين مؤجل لم يطالب به قبل أجله لأنه لا يلزمه أداؤه ولم يحجر عليه من أجله لأنه لا يستحق المطالبة به فلم يجز منعه من التصرف في ماله بسببه فإن كان بعض دينه مؤجلا وبعضه حالا وكان ماله يفي بالحال لم يحجر عليه أيضا، وقال بعض أصحاب الشافعي ان ظهرت أمارات الفلس لكون ماله بإزاء دينه ولا نفقة له إلا من ماله حجر عليه في أحد الوجهين لأن الظاهر أنه ماله يعجز عن ديونه فهو كما لو كان ماله ناقصا، ولنا أن ماله واف بما يلزمه أداؤه فلم يحجر عليه كما لو لم تظهر أمارات الفلس ولان الغرماء لا يمكنهم طلب حقوقهم في الحال فلا حاجة إلى الحجر {مسألة} (فإن أراد سفرا يحل الدين قبل مدته فلغريمه منعه الا أن يوثقه برهن أو كفيل)
(٤٥٦)