لأن المحرم في ذلك اعتقاده بالعقد دونه فلم يمنع صحة العقد كما لو دلس العيب ولنا انه عقد على عين لمعصية الله تعالى بها فلم يصح كإجارة الأمة للزنا والغناء، وأما التدليس فهو المحرم دون العقد ولان التحريم هنا لحق الله تعالى فافسد العقد كبيع الربا وفارق التدليس فإنه لحق آدمي (فصل) وهكذا الحكم في كل ما قصد به الحرام كبيع السلاح في الفتنة أو لأهل الحرب أو لقطاع الطريق، وبيع الأمة للغناء أو اجارتها لذلك فهو حرام والعقد باطل لما قدمنا. قال ابن عقيل وقد نص أحمد على مسائل نبه بها على ذلك فقال في القصاب والخباز إذا علم أن من يشتري منه يدعو عليه من يشرب المسكر لا يبيعه، ومن يخرط الاقداح لا يبيعها لمن يشرب فيها ونهى عن بيع الديباج للرجال ولا بأس ببيعه للنساء، وروي عنه لا يبيع الجوز من الصبيان للقمار وعلى قياسه البيض فيكون بيع ذلك كله باطلا (فصل) قال أحمد في رجل مات وخلف جارية مغنية وولدا يتيما وقد احتاج إلى بيعها قال يبيعها على أنها ساذجة فقيل له إنها تساوي ثلاثين ألف درهم فإذا بيعت ساذجة تساوي عشرين دينارا.
فقال لاتباع الاعلى أنها ساذجة. ووجهه ما روى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يجوز بيع المغنيات ولا أثمانهن ولا كسبهن " قال الترمذي لا نعرفه إلا من حديث علي بن يزيد وقد تكلم فيه بعض أهل العلم ورواه ابن ماجة وهذا يحمل على بيعهن لأجل الغناء، فاما ماليتهن الحاصلة بغير الغناء فلا تبطل كبيع العصير لمن لا يتخذه خمرا فإنه لا يحرم لصلاحيته للخمر (فصل) (ولا يجوز بيع الخمر ولا التوكل في بيعه ولا شرائه) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن بيع الخمر غير جائز، وعند أبي حنيفة يجوز للمسلم أن يوكل ذميا في بيعها وشرائها ولا يصح. فإن عائشة روت ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " حرمت التجارة في الخمر " وعن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول " ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال " لا، هو حرام " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قاتل الله اليهود، ان الله تعالى حرم عليهم شحومها فجعلوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه " متفق عليه ومن وكل في بيع الخمر وأكل ثمنه فقد أشبههم في ذلك، ولان الخمر نجسة محرمة فحرم بيعها والتوكيل فيه كالميتة والخنزير {مسألة} (ولا يصح بيع العبد المسلم لكافر إلا أن يكون ممن يعتق عليه فيصح في إحدى الروايتين) لا يصح شراء الكافر مسلما، وهذا إحدى الروايتين عن مالك وأحد قولي الشافعي، وقال أبو حنيفة يصح ويجبر على إزالة ملكه لأنه يملك المسلم بالإرث ويبقى ملكه عليه إذا أسلم في يده فصح أن يشتريه كالمسلم. ولنا أنه يمنع استدامة ملكه عليه فمنع من ابتدائه كالنكاح ولأنه عقد يثبت الملك للكافر على المسلم فلم يصح كالنكاح وإنما ملكه بالإرث وبقي ملكه عليه إذا أسلم في يده لأن الاستدامة أقوى من الابتداء بالفعل والاختيار بدليل ثبوته بهما للحوم الصيد مع منعه من ابتدائه فلا يلزم من