سلما غير بني آدم، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة لا يجوز قرض المكيل والموزون لأنه لا مثل له أشبه الجواهر. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا وليس بمكيل ولا موزون، ولان ما يثبت سلما يملك بالبيع ويضبط بالوصف فجاز قرضه كالمكيل والموزون، وقولهم لا مثل له خلاف أصلهم فإن عند أبي حنيفة لو أتلف ثوبا ثبت في ذمته مثله ويجوز الصلح عنه بأكثر من قيمته، فأما مالا يثبت في الذمة سلما كالجواهر وشبهها فقال القاضي يجوز قرضها ويرد المستقرض القيمة لأن مالا مثل له يضمن بالقيمة والجواهر كغيرها في القيم، وقال أبو الخطاب لا يجوز لأن القرض يقتضي رد المثل وليس لها مثل، ولأنه لم ينقل قرضها ولا هي في معنى ما نقل القرض فيه لكونها ليست من المرافق ولا تثبت في الذمة سلما فيجب ابقاؤها على المنع، ويمكن بناء هذا الخلاف على الوجهين في الواجب في بدل غير المكيل والموزون، فإذا قلنا يجب رد المثل لم يجز قرض الجواهر ولا مالا يثبت في الذمة سلما لتعذر رد مثلها وإن قلنا الواجب رد القيمة جاز قرضه لامكان رد القيمة، ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين (فصل) فأما بنو آدم فقال أحمد أكره قرضهم فيحتمل كراهة التنزيه ويصح قرضهم وهو قول ابن جريج والمزني لأنه مال يثبت في الذمة سلما فصح قرضه كسائر الحيوان، ويحتمل صحة قرض العبيد دون الإماء وهو قول مالك والشافعي الا أن يقرضهن من ذوي محارمهن لأن الملك بالقرض
(٣٥٥)