الأصل وان باع دينارا مغشوشا بمثله والغش فيهما متفاوت أو غير معلوم المقدار لم يجز لأنه يخل بالتماثل المقصود، وإن علم التساوي في الذهب والغش الذي فيهما خرج على وجهين أولاهما الجواز لأنهما تماثلا في المقصود وفي غيره ولا يفضي إلى التفاضل بالتوزيع بالقيمة لكون الغش غير مقصود فكأنه لا قيمة له (فصل) ولو دفع إلى انسان درهما وقال أعطني بنصف هذا الدرهم نصف درهم وبنصفه فلوسا أو حاجة أخرى جاز لأنه اشترى نصفا بنصف وهما متساويان فصح كما لو دفع إليه درهمين فقال بعني بهذا الدرهم فلوسا وأعطني بالآخر نصفين، وان قال اعطني بهذا الدرهم نصفا وفلوسا جاز أيضا لأن معناه ذلك ولان ذلك لا يفضي إلى التفاضل بالتوزيع بالقيمة فإن قيمة النصف الذي في الدرهم كقيمة النصف الذي مع الفلوس يقينا وقيمة الفلوس كقيمة النصف الآخر سواء {مسألة} (والمرجع في الكيل والوزن إلى عرف أهل الحجاز في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وما لا عرف لهم فيه ففيه وجهان) (أحدهما) يعتبر عرفه في موضعه ولا يرد إلى أقرب الأشياء شبها به بالحجاز ونحو هذا مذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة الاعتبار في كل بلد بعادته، ولنا ما روى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " المكيال مكيال المدينة والميزان ميزان مكة " والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يحمل كلامه على بيان الأحكام ولان ما كان مكيلا بالحجاز في زمن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إليه التحريم في تفاضل الكيل فلا يجوز أن يتغير بعد ذلك وهكذا الوزن، فأما مالا عرف له في الحجاز ففيه وجهان (أحدهما) يرد إلى أقرب الأشياء شبها به بالحجاز كما أن الحوادث ترد إلى أشبه المنصوص عليه بها وهو القياس (والثاني) يعتبر عرفه في موضعه لأن ما لم يكن له في الشرع حد يرجع فيه إلى العرف كالقبض الحرز والتفرق، وعلى هذا
(١٦١)