أحكام الموتى له من أرث ماله ونفوذ وصيته وغيرها، ولان خروجه عن حكم الأصل لا يثبت إلا بدليل ولا نص فيه ولا إجماع، ولا يصح قياسه على الحشرات والميتات لأن تلك لم يكن فيها منفعة فيما مضى ولا في الحال وعلى أن هذا المحتم يمكن زواله لزوال ما يثبت به من الرجوع عن الاقرار والرجوع من الشهود ولو لم يمكن زواله فأكثر ما فيه تحقق تلفه، وهذا يجعله كالمريض المأيوس من برئه وبيعه جائز (فصل) فاما بيع لبن الآدميات فرويت الكراهة فيه عن أحمد، واختلف أصحابنا في جوازه وهو قول ابن حامد ومذهب الشافعي. وذهب جماعة من أصحابنا إلى تحريم بيعه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك لأنه مائع خارج من آدمية فلم يجز بيعه كالعرق ولأنه جزء من آدمي فلم يجز بيعه أشبه سائر أجزائه. والأول أصح لأنه طاهر منتفع به فجاز بيعه كلبن الشاة ولأنه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر فأشبه المنافع ويفارق العرق فإنه لانفع فيه. ولذلك لا يباع عرق الشاة ويباع لبنها وسائر أجزاء الآدمي يجوز بيعها فإنه يجوز بيع العبد والأمة. وإنما حرم بيع الحر لأنه غير مملوك وحرم بيع العضو المقطوع لأنه لانفع فيه (مسألة) (وفي جواز بيع المصحف وكراهة شرائه وابداله روايتان) قال احمد لا أعلم في بيع المصاحف رخصة ورخص في شرائها. وقال الشراء أهون. وممن كره بيعها ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وسعيد بن جبير وإسحاق قال ابن عمر وددت أن الأيدي تقطع في بيعها. وقال أبو الخطاب يجوز بيع المصحف مع الكراهة وهي رواية عن أحمد لأنه منتفع به فأشبه سائر كتب العلم، وهل يكره شراؤه وابداله؟ على روايتين ورخص في بيعها الحسن والحكم وعكرمة والشافعي وأصحاب الرأي لأن البيع يقع على الورق والجلد وبيعه مباح ولنا قول الصحابة ولم نعلم لهم مخالفا في عصرهم، ولأنه يشتمل على كلام الله تعالى فتجب صيانته عن البيع والابتذال (يقول الآخرون ان المبتذل ما لا يباع وأنفس الجواهر تباع وان بيعه يسهل على الناس الانتفاع به تعميم هدايته وكتبه محمد رشيد رضا) أما الشراء فهو أسهل لأنه استنقاذ للمصحف وبذل لماله فيه فجاز كما جاز شراء رباع مكة واستئجار دورها ولم ير بيعها ولا أخذ اجرتها، وكذلك دفع الأجرة إلى الحجام لا يكره مع كراهية كسبه والرواية الأخرى يكره لأن المقصود منه كلام الله تعالى فيجب صيانته عن الابتذال وفي جواز شرائه التسبب إلى ذلك والمعونة عليه، ولا يجوز بيعه لكافر فإن اشتراه فالبيع باطل وبه
(١٢)