المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٧٠
ولكن يثبت به أخذ المال لان الثابت به رد العين ووجوب الضمان وهو مما يثبت مع الشبهات وكذلك في الشهادة على الشهادة ضرب شبهة من حيث إن الكلام إذا تداولته الألسن يتمكن فيه زيادة ونقصان (قال) وإذا شهد شاهدان على رجلين انهما سرقا من هذا الرجل ألف درهم واحد الرجلين غائب قطع الحاضر وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الآخر وهو قولهما وفى قوله الأول لا يقطع ذكر القولين بعد هذا في الاقرار إذا أقر أنه سرق مع فلان الغائب لم يقطع في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الأول وهو قول زفر رحمه الله تعالى ويقطع المقر في قوله الآخر وهو قولهما وقد بينا نظيره في الحدود إذا أقر أنه زني بغائبة وجه قوله الأول ان الغائب لو حضر ربما يدعي شبهة يدرأ بها القطع عن نفسه وعن الحاضر فلو قطعنا الحاضر قطعناه مع الشبهة وذا لا يجوز كقصاص مشترك بين حاضر وغائب لا يكون للحاضر ان يستوفيه حتى يحضر الغائب وجه قوله الآخر ان السرقة ظهرت على الحاضر بالبينة أو بالاقرار فيستوفى الامام حقا لله تعالى وهذا لان السراق يحضرون وقل ما يحضرون بل في العادة يهربون وبعضهم يوجد وبعضهم لا يوجد فلو لم يقطع الحاضر أدى إلى سد باب هذا الحد وما من شبهة يدعيها الغائب الا والحاضر يتمكن من أن يدعى ذلك وقد بينا أن بالشبهة التي يتوهم اعتراضها لا يمتنع الاستيفاء بخلاف القصاص فالشبهة هناك توهم عفو موجود من الغائب في الحال فان جاء الغائب بعد ذلك لم يقطع بالشهادة الأولى حتى تعاد تلك البينة عليه أو غيرها فيقطع حينئذ لان تلك البينة في حق الغائب قامت بغير محضر من الخصم فان الحاضر لا ينتصب خصما عنه إما لان النيابة في الخصومة في الحد لا تجري أو لأنه ليس من ضرورة ثبوت السرقة على الحاضر ثبوتها على الغائب فلهذا يشترط إعادة البينة على الغائب ليقطع (قال) وإن كان القاضي يعرف شهود الحدود والقصاص انهم أحرار مسلمون غير أنه لا يعرف عدالتهم ولا يطعن فيهم السارق حبسه حتى يسأل عنهم لأنه صار متهما بارتكاب الكبيرة فيحبس ولا تقطع يده قبل السؤال عن الشهود لان هذا شئ لو وقع فيه الغلط لا يمكن تداركه وتلافيه فعلى الحاكم أن يسأل عن الشهود صيانة لقضاء نفسه طعن الخصم فيه أو لم يطعن وهذا لان الشبهة متمكنة في شهادتهم قبل التزكية ومع تمكن الشبهة لا يقدم على استيفاء ما يندرئ بالشبهات فأما في غير الحدود والقصاص مما لا يندرئ بالشبهات فالقاضي يقضى عند أبي حنيفة رحمه الله قبل أن يسأل عنهم إلا أن يطعن الخصم فيهم أو
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست